بقلم - عبد اللطيف المناوي
قُضى الأمر، وأُعلن عن وفاة الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى فى حادث تحطم مروحية على الحدود بين إيران وأذربيجان، وسارعت كثير من الدول بتقديم واجب العزاء، كما هرولت إسرائيل لنفى علاقتها بالحادث، وكأنهم يتحسسون موضع «البطحة» على رأسهم.
رحيل الرئيس الإيرانى، بقدر فاجعته الإنسانية، بقدر فاجعته فى طرح بعض الأسئلة التى قد نحاول طرحها لاستقبال مرحلة ما بعد الرئيس الراحل، خصوصًا مع رحيل وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، الذى كان يرافقه فى المروحية المحطمة، وهى خسارة كبيرة لطهران، وارتباك ربما متوقع فى السياسة الخارجية للبلد الإقليمى، الذى هو شئنا أم أبينا أحد أهم اللاعبين الأساسيين فى المنطقة.
هل يقلب غياب الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته السياسة الإيرانية الخارجية؟. هو سؤال من المهم للغاية طرحه فى هذا الوقت. مرشد الجمهورية الإسلامية، خامنئى، أكد أنه لن يطرأ أى تغيير فى السياسات، إلا أن واقع الظروف يؤكد أن لكل رئيس عقلًا يتعامل به مع الظروف المحيطة. فى عهد رئيسى كان الحدث الأبرز هو الهجوم على الأراضى الإسرائيلية بطائرات مسيرة وصواريخ طويلة المدى، وحتى لو كان الضرر قليلًا، فإن مسألة اتخاذ قرار بالهجوم على الأراضى الإسرائيلية لم يكن طبيعيًّا فيما قبل.
فى فترة رئيسى عُقد الاتفاق النووى، الذى جاء ترامب وألغاه، وتعامل الرئيس الإيرانى الراحل مع الأمرين بنفس الآلية ونفس الطريقة. أذرعه تمددت فى المنطقة أكثر من اللازم، والصراع بات أعنف، لكنه فى النهاية لم يمانع من الصلح مع المملكة العربية السعودية مثلًا، بعد سنوات طويلة من حرب مستعرة فى اليمن كان وقودها إيران عبر الحوثيين، ضد رغبات المملكة فى فرض الشرعية باليمن.
الوضع الداخلى كان تحت السيطرة، ومفهوم أن كثيرًا من العوامل قد تتحكم فى ذلك، ومنها وجود خامنئى نفسه، باعتباره مرشدًا للجمهورية، وباعتباره فى بعض الأحيان حاكمًا فعليًّا للبلاد، إلا أن غياب رئيسى عن المشهد قد يشكل تهديدًا للوضع الداخلى، ولاسيما أن العالم كله يعانى بعض الاضطرابات الاقتصادية.
ليس سهلًا أن تأتى طهران برجل مثل رئيسى، يستطيع الإمساك بزمام أمور عدة بنفس حالة الهدوء وبرود الأعصاب ودراسة المواقف بشكل جيد، حتى فى مسألة الرد على إسرائيل.
تظل المشكلة الحقيقية فيمَن يخلف رئيسى، وهو سؤال تم طرحه حتى قبل الإعلان عن رحيله، ليبرز اسم محمد مخبر، النائب الأول لرئيسى، والذى انتقلت له السلطة وفقًا للدستور، وهو رجل مُقرَّب من المرشد، مثله مثل رئيسى. وربما هذا ما جعل خامنئى يُجزم أن شيئًا لن يتغير.
مخبر رجل ضليع فى مجال الاتصالات والتكنولوجيا، وفى نفس الوقت كان ضمن قوائم استهدفتها أمريكا وأوروبا بالعقوبات، لكن السؤالين الأكثر تعقيدًا هنا هما مَن يخلف المرشد حال رحيله، حيث إن الرئيس الإيرانى الراحل كان أبرز خلفائه، أما السؤال الثانى فهو مَن سيخلف رئيسى إذا ما قرر مخبر عدم خوض الانتخابات