بقلم - عبد اللطيف المناوي
يبدو أن تغير المناخ خلال منتصف هذا القرن سيكون أكثر تكلفة بكثير مما كان يتوقع المتخصصون.
ويمكن أن تصل إلى 38 تريليون دولار سنويا بعد ربع قرن من الآن. نُشرت مؤخرا فى مجلة «نيتشر» دراسة القت ضوءا جديدا على أنماط وشدة التأثير الاقتصادى لتغير المناخ، وتوصلت الدراسة إلى أن الاقتصاد العالمى يتجه بالفعل نحو خسارة 19% من دخل الفرد فى جميع أنحاء العالم خلال الـ 26 عامًا القادمة بسبب الانبعاثات التاريخية التى ستستمر فى رفع درجة حرارة الكوكب.
وجاء الرقم 38 تريليون دولار قياسا لقيمة الدولار عام 2005. وهو الرقم الذى يزيد على ضعف الناتج المحلى الإجمالى السنوى للاتحاد الأوروبى بأكمله.
وجدت الدراسة، التى أجراها ثلاثة علماء فى معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ فى ألمانيا، أن الأضرار الاقتصادية المحتملة لتغير المناخ خلال ربع القرن المقبل أعلى من تكاليف تخفيف ظاهرة الاحتباس الحرارى والحفاظ عليها عند درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة بستة أضعاف.
وهذا البحث يعتبر جديدا من نوعه لأنه يركز على المناطق دون الوطنية، بدلا من النظر إلى مناطق جغرافية أوسع، وقام الباحثون بدراسة التأثيرات الاقتصادية للمناخ خلال السنوات الأربعين الماضية فى حوالى 1600 منطقة دون وطنية، ثم توقعت هذه التأثيرات حتى عام 2050.
ومن خلال الدراسة درس الباحثون كيف من المحتمل أن يؤثر تغير المناخ على تقلب درجات الحرارة اليومية، وإجمالى هطول الأمطار السنوى، والعدد السنوى للأيام الرطبة والأمطار اليومية الشديدة التى تحدث، بالإضافة إلى التحولات التى تم تحديدها بالفعل من خلال تغير متوسط درجات الحرارة. وتوصلت الدراسة إلى أن التأثيرات الاقتصادية لتغير المناخ من المرجح أن تكون أكثر استمرارا بكثير مما أظهرته الدراسات السابقة.
وعلى الرغم من الأرقام الكبيرة التى كشف عنها البحث، إلا أن حجم الخسائر أكبر مما يبدو، حيث لم يقدر البحث الجديد حجم الضرر الاقتصادى الناجم عن تغير المناخ لأنه لا يشمل آثار ارتفاع مستوى سطح البحر، والأعاصير الأقوى، وموجات الحرارة، والآثار على صحة الإنسان، إلى جانب التأثيرات المكلفة الأخرى.
رغم أن المتوقع أن تتأثر البلاد الأكثر دفئاً بنتائج أزمة التغيرات المناخية، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى سوف يتأثران بشكل كبير. وتظهر أن الدول الغنية أيضا تعانى من عواقب اقتصادية هائلة لتغير المناخ،. هذا لا ينشأ فقط من الدمار الناجم عن الظواهر الجوية المتطرفة، ولكن أيضًا من خلال اضطرابات التدفق الاقتصادى التى يصعب اكتشافها وبالتالى يصعب التكيف معها ومواجهتها.
النتيجة الرئيسية التى نخرج بها أن هناك أضرارًا متوقعة ناجمة عن تغير المناخ على مدى العقود القليلة المقبلة، وأن هذه الأضرار يمكن أن تكون كبيرة. حتى مع الكميات الصغيرة من الاحترار يمكن أن يكون لها تأثيرات اقتصادية كبيرة جدًا على المدى الطويل.