توقيت القاهرة المحلي 19:23:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

  مصر اليوم -

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى صراع الشرق الأوسط المستمر، تتجلى الأطماع الإسرائيلية تحت قيادة بنيامين نتنياهو كأحد أبرز الملامح التى تعيد تشكيل ملامح المنطقة. تصريحاته الأخيرة حول «تغيير الشرق الأوسط» تمثل إقرارًا صريحًا بمساعٍ لا تهدف فقط إلى تثبيت السيادة الإسرائيلية، بل إلى رسم خريطة جديدة، يُقصى فيها الآخر ويُهمش حقوقه.

خطة نتنياهو لتوسيع المستوطنات فى الجولان السورى المحتل ليست سوى جزء من استراتيجية أوسع لتثبيت واقع احتلالى، فالجولان، الذى يُعد جزءًا لا يتجزأ من الأراضى السورية، يخضع لسياسات تهويدية تتجاهل القرارات الدولية وتنتهك أبسط مبادئ القانون الدولى.

وفى مشهد مسرحى يتقنه نتنياهو، وقف على قمة جبل الشيخ ليعلن أن هذه الأراضى «ستبقى بيد إسرائيل إلى الأبد»، معززًا صورة «القائد المنتصر». لكن خلف هذه الصورة يكمن استغلال واضح للوضع الإقليمى المضطرب فى سوريا، حيث الحرب الأهلية التى أنهكت الدولة ومزقت بنيتها السياسية والاجتماعية، مما تركها عرضة للتدخلات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة.

على الجانب الآخر من المشهد، يبرز الوضع الإنسانى فى غزة كمأساة تفضح الوجه الحقيقى للسياسات الإسرائيلية. تقارير حقوقية عديدة، بما فى ذلك تقرير «هيومن رايتس ووتش»، وثّقت قيودًا متعمدة على وصول الفلسطينيين إلى المياه والموارد الأساسية، مما يرقى إلى وصفه بـ«الإبادة الجماعية».

هذه السياسات، المتمثلة فى فرض حصار خانق وحرمان المدنيين من الكهرباء والماء والغذاء، تسعى إلى سحق روح المقاومة الفلسطينية وتفتيت المجتمع. فى الوقت ذاته، يُقدَّم هذا الظلم على أنه «دفاع مشروع» عن إسرائيل، مما يعكس ازدواجية خطابية تستغل ضعف المجتمع الدولى ومصالحه المتشابكة.

منذ أحداث ٧ أكتوبر العام الماضى، يسعى نتنياهو لإعادة تقديم نفسه كقائد قوى قادر على قلب المعادلة. وهنا تأتى زيارته للجولان وجبل الشيخ كجزء من هذه الاستراتيجية. لكن هذا العرض، الذى يهدف إلى استعادة ثقة الداخل الإسرائيلى وطمس مشاهد الكارثة، لا يمكن فصله عن محاولاته المستمرة لتجنب المساءلة عن قضايا الفساد التى تلاحقه.

نتنياهو يختار أماكن مثل جبل الشيخ لتصوير «النصر»، متجنبًا مواقع مثل كيبوتس نير عوز، التى تُذكر بفشله فى حماية الإسرائيليين. إنه يهرب من الأماكن التى تسلط الضوء على مسؤولياته، ليظهر فقط فى المشاهد التى يمكن أن تعزز صورته كزعيم مُهاب. ويستغل حالة التفكك الإقليمى لترسيخ السيطرة على أراضٍ جديدة دون خوف من مقاومة حقيقية أو ضغط دولى جاد.

تُظهر تصريحات نتنياهو بوضوح رغبته فى بناء شرق أوسط جديد، تهيمن فيه إسرائيل سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا. وبينما يسعى لترسيخ هذا المشروع، يستمر فى انتهاك حقوق الفلسطينيين والسوريين، متجاهلًا دعوات السلام والعدالة.

لا يمكن قراءة تحركات نتنياهو بمعزل عن واقع أوسع يُملى فيه القوى شروطه على الضعيف. لكن كما علمنا التاريخ، فإن الشعوب التى تُقهر قد تصمت لفترة، لكنها لا تموت. أو هكذا نتمنى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ» صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»



GMT 18:38 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

محمد مندور.. عواصف الفكر والعودة للثوابت

GMT 13:43 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ما هى كرة القدم فى مصر؟!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 09:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 09:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 09:28 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 09:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حضنُ بوتين لبشار الأسد

GMT 09:26 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل

GMT 06:45 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاجرة بين مروان محسن ورضا عبد العال بسبب "الأهداف"

GMT 06:45 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الهلال" السعودي بين مطرقة "كورونا" وسندان "الديربي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon