بقلم - عبد اللطيف المناوي
انطلق مشروع «تحدى القراءة العربى» منذ نحو تسع سنوات، بمبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبى.
وهو المشروع الذى يمثل خطوة جريئة ومؤثرة فى مواجهة التحديات الثقافية والتعليمية التى تواجه العالم العربى، ويستهدف فى الأساس تعزيز ثقافة القراءة بين الطلاب فى المنطقة، فى وقت تعانى فيه الدول العربية من تراجع واضح فى معدلات القراءة والمعرفة.
إن أهمية المشروع تكمن فى عددٍ من الجوانب التى تتعدى التأثير الثقافى والعلمى فقط، إلى تأثيرات أخرى اجتماعية وجغرافية.
أولًا، من حيث الأهمية الثقافية، فإن «تحدى القراءة العربى» يسعى إلى إعادة الاعتبار لفعل القراءة فى مجتمعنا الذى أصبح يفضل الاستسهال فى الحصول على المعلومات، ويسلك الطرق الأسهل فى البحث والدراسة، خصوصًا فى عالم تسيطر فيه التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى على كل شىء تقريبًا. لذا، أعتبر هذا المشروع حركة مضادة تدعو للعودة إلى الجدية فى البحث، وإلى التعامل مع الكتاب باعتباره مصدرًا أصيلًا للمعرفة والفهم العميق، وتعزيز مستويات التفكير النقدى والإبداعى لدى طلاب المدارس فى كافة ربوع الوطن العربى.
ثانيًا، من حيث القدرة على التغيير والتأثير المجتمعى، حيث أثبت «تحدى القراءة العربى»، خلال دوراته الماضية، فاعليته الملموسة والحقيقية، فقد شارك ملايين الطلاب من مختلف الدول العربية، ما ساهم فى رفع معدلات القراءة وتحسين مهارات التعبير والفهم، ما سيؤدى حتمًا إلى إعداد جيل واعٍ قادر على مواكبة التحديات المجتمعية التى يمر بها كل بلد.
ثالثًا، فيما يخص التغطية الجغرافية، فإن المشروع يمتد ليشمل جميع الدول العربية دون استثناء، وهذا الانتشار الواسع يعكس حرص القائمين عليه لتحقيق أكبر تأثير ممكن، عن طريق الوصول إلى مختلف الفئات العمرية والمجتمعية، ما يجعل كل متسابق يسعى إلى رفع اسم بلاده عاليًا، من خلال التنافس بينه وبين زميله فى دولة أخرى، إلا أنه فى النهاية يجتمع الجميع تحت سقف واحد وهو المعرفة العربية الشاملة.
أخيرًا، أؤكد أن مشروع «تحدى القراءة العربى»، الذى سيقام حفله السنوى الخاص بالطلاب المصريين فى القاهرة خلال أيام، هو مشروع ضد السائد وضد الاستسهال، فى زمن ينتشر فيه المحتوى الرقمى السطحى والسريع.
إنه دعوة إلى العودة للأصول وإعادة اكتشاف قوة الكتاب. إنه تحدٍ حقيقى للأفراد والمؤسسات على حد سواء، لتحقيق تغيير إيجابى ومستدام فى المجتمع. إنه مبادرة رائدة تعكس رؤية لمستقبل أفضل للعالم العربى، تقوم على المعرفة والثقافة كأدوات رئيسية للتغيير والتنمية فى المستقبل، واسمحوا لى فى النهاية أن أستعير مقولة الشيخ محمد بن راشد التى هى عنوان المشروع: «إن أول كتاب يمسكه الطلاب، يكتب أول سطر فى مستقبلهم».