بقلم - عبد اللطيف المناوي
من عمل معى سمع منى تعبيرًا أقول فيه: «إما أن أكون مديرًا ناجحًا فيغضب البعض وينجح العمل، أو أن أكون بائع آيس كريم، فيسعد الجميع ويفشل العمل». لم أعرف صاحب هذا المعنى إلا مؤخرًا، ستيف جوبز، مؤسس شركة «آبل» هو من قال: «لكى تُسعد الجميع ليس عليك أن تكون قائدًا فقط يمكنك أن تكون بائع آيس كريم». عادة ما كنت أستطرد بأننى لن أبيع آيس كريم. كثير من القرارات تكون صعبة فى اتخاذها وتطبيقها وتحمُّل نتائجها واحتواء سلبياتها أحيانًا. وأهم الأمور هى القدرة على تجاهل الصغائر والصغار لتحقيق الهدف. لا أدعى الحكمة، ولكنى أجزم بصدق المحاولة.
فى حفل العشرين عامًا من عمر «المصرى اليوم» وجدت بعد نهاية الحفل أن مشاركتى كانت سببًا للشعور بسعادة داخلية وإحساس بالرضا والفخر المتواضع بتجربتى هناك. ليس سبب السعادة هو درع التكريم وشهادته، مع تقديرى، ولكنه كان ذلك الاستقبال والتحية، التى لن أقول كبيرة وعالية الصوت، ولكنها كانت دافئة وصادقة من الزملاء الذين عملت معهم على مدار ست سنوات. هذا الاستقبال الدافئ شعرت به منذ اللحظة الأولى لدخولى دار الأوبرا، حيث مكان الحفل، وأثناء الصعود إلى المسرح وكلمتى القصيرة الصادقة والعفوية، واستقبال الزملاء لى وللكلمة، وكل اللحظات التى قضيتها مع كل الزملاء فى ود وامتنان متبادل بينى وبينهم. هذا ما يبقى.
قد يبدو ما ذكرت أمرًا شخصيًا لا يستحق أن أشغل به وقت القارئ، لكن الحقيقة أننى أعتبره موضوعًا يمتلك عناصر الاهتمام العام، أو بعضها، فقد كان التخوف دائمًا من أسلوب إدارة حازم لكن عادل قدر الإمكان يمكن أن يؤدى إلى فوضى وعدم رضا.. وهذا يحدث بالفعل أثناء التطبيق، خاصة إذا ما عبث صغار وقتها أو بعدها، وقد تبدو أيضًا ملاحظات سلبية عقب انتهاء مرحلة، لكن ما إن تهدأ الأوضاع تكن الأحكام أكثر موضوعية. هذا هو ما خرجت به من نتائج فى مكان أدرته من قبل، وتأكد فى تجربتى الأخيرة مع «المصرى اليوم».
أن يتحول المدير إلى بائع آيس كريم سيجعل ذلك الجميع مبتسمين كما لو كانوا سعداء، لكن سوف ينتهى به الأمر وبما يدير إلى حالة من الفوضى و«السيولة».. فى حين أن اتباع قواعد حاكمة عادلة تُغضب البعض وتحقق الهدف تبدو آثاره الإيجابية على المدى الأبعد حتى لو ظل هناك قلة من «العابثين العابسين». وتدرك الأغلبية صحة الاتجاه وكيف كان فى صالح العمل وصالحهم.
أما الجانب الشخصى هنا، والذى أستأذن القارئ الكريم فى التعبير عنه فى هذه المساحة، فهو الشكر العميق والصادق لكل الزميلات والزملاء والأصدقاء والأساتذة الذين غمرونى بدفئهم وصدقهم. وهو التكريم الحقيقى الذى أظلّ مدينًا لهم به