بقلم - عبد اللطيف المناوي
يحاول الجانب البريطانى الترويج لفكرة أن التعريف الجديد لـ«التطرف» جاء ردًّا على تصاعد جرائم الكراهية ضد اليهود والمسلمين، على حد سواء، منذ ما حدث فى إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضى، وما أعقبه من حملة عسكرية إسرائيلية على قطاع غزة.
ويحاولون أيضاً ترويج أن هذا التعريف يأتى فى سياق محاولة لندن لمواجهة التطرف وحماية الديمقراطية، حيث حذّر رئيس الوزراء ريشى سوناك فى وقت سابق من أن المتطرفين واليمين المتطرف يقوضون عمدًا الديمقراطية متعددة الأعراق فى بريطانيا. وحذر من أن زيادة مروعة فى الاضطرابات المتطرفة والإجرام، تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء.
وقد شهدت المسيرات الاحتجاجية على الرد العسكرى لإسرائيل على هجوم حماس فى 7 أكتوبر 2023، توقيف عشرات المتظاهرين بسبب هتافات ولافتات معادية للسامية، والترويج لمنظمة محظورة والاعتداء على عناصر فى أجهزة الطوارئ. من الواضح أن بريطانيا قد اتخذت خطوة إصدار تعريف جديد لـ«التطرف» بالتزامن مع حرب غزة، لأنها تواجه تحديات كبرى مع خروج مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، استغلتها الجماعات ذات التوجه الإسلامى لخلق خلط بين تأييد الفلسطينيين وتأييد حماس، ونجحت بالفعل فى استقطاب الكثيرين.
لهذا فإن لندن تحاول وضع حد لتأثير مؤيدى حماس والجماعات الإسلامية، كما أن التعريف الجديد يعد بمثابة خطوة تهدف لترويج أن الحكومة البريطانية تتخذ إجراءات من أجل الحد من معاداة السامية بعد تصاعد الكراهية. لكن يبدو أن هذا لن يؤدى إلى نتائج إيجابية، سواء على هذا المستوى، أو على مستوى تفكيك قاعدة الإخوان فى أوروبا.
منذ إصدار التعريف الجديد، والحكومة البريطانية تواجه انتقادات من المدافعين عن الحريات المدنية والمنظمات المجتمعية وأعضاء فى البرلمان، إذ يرى البعض أن السياسة الجديدة قد تقوض سمعة المملكة المتحدة؛ حيث سيُنظر إليها على أنها حكومة غير ديمقراطية.
فى حين أن كثيراً من المتخصصين فى قضايا التطرف والإرهاب، أبدوا عدم اقتناع بقدرة هذا التعريف على ردع جماعة الإخوان المسلمين، والتى توجد فى بريطانيا بأسماء وشعارات تخفى هويتها الحقيقية، واصفين التعريف بأنه عام، كما يمنح الجهات الحكومية ذات الصلة مساحة أكبر لتفسير مسألتى «الترويج والتعزيز» لأى أيديولوجية يُراد استهدافُها، ما يدخلهم تحت طائلة الهوى فى التصنيف. من بين الانتقادات الكبيرة التى توجه للتعريف صعوبة تعميمه على بعض المنظمات التى تتخفى وراء ستار سياسى أو دينى أو مجتمعى ما، وهى فى الأصل تنتمى فكريا وعقائديا لجماعة الإخوان.
ويرى بعض من أعضاء الحكومة أن التعريف المحدث هو أولى خطوات مواجهة جماعة الإخوان المسلمين وتطرفها فى بريطانيا، وخاصة فى ظل التصريحات بأن التعريف الجديد ستستخدمه الإدارات والمسؤولون الحكوميون لمساعدتهم على تحديد الجماعات التى يجب عليهم التعامل معها وتمويلها، وتحديد المنظمات والأفراد والسلوكيات المتطرفة.