بقلم : عبد اللطيف المناوي
فى خطوة تحمل أهمية بالغة على الصعيدين الإقليمى والدولى، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس بزيارةٍ إلى تركيا ولقاء رئيسها رجب طيب أردوغان، وذلك فى إطار تأكيد المصالحة بين البلدين، التى ربما بدأت منذ فترة بمحادثات شبه سرية، لكنها اكتملت مع زيارة أردوغان للقاهرة بداية هذه السنة، وتأكدت أمس.
لكن تأكيد المصالحة لم يكن الموضوع الوحيد فى أجندة اللقاء، بل إن عددًا آخر من الموضوعات تحتم مناقشتها بين اثنين من قادة البلاد المحورية والرئيسية فى إقليم الشرق الأوسط. هذا الإقليم الذى تتسم الأوضاع فيه بتعقيدات بالغة وأزمات متلاحقة، أهمها بالتأكيد حرب غزة، وصعوبة الوصول إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار فيه، بسبب نزق تل أبيب وتعنتها الواضح لإنهاء معاناة الفلسطينيين، لذا فإن مشاركة الطرفين الحديث والتفاهمات حول هذا الموقف من المتوقع أن تفتح بابًا جديدًا لحلحلة الأمور، دعمًا لجهود الوساطة.
هناك ملفات إقليمية شائكة أخرى كانت على أجندة اللقاء، تأثير الحرب فى غزة على كل فى سوريا ولبنان، إذ اكتسبت هذه القضية أهمية خاصة نظرًا لتأثيرها المباشر على الأمن والاستقرار الإقليمى فى المنطقة.
من الضرورى هنا أن نأخذ فى اعتبارنا أن هذه الزيارة تأتى فى إطار جهود دبلوماسية أوسع تهدف إلى إعادة تفعيل العلاقات بين الدول العربية وتركيا، والتى شهدت توترًا فى السنوات الأخيرة، لذا فإن تحسين العلاقات بين مصر وتركيا ليس مجرد خطوة استراتيجية ثنائية، بل هو أيضًا رسالة إلى المجتمع الدولى بأن الدول الإقليمية تسعى لتعزيز التعاون وتجاوز الخلافات التاريخية.
على الصعيد الثنائى، تُعد الزيارة فرصة لتعزيز التعاون فى مجالات عدة، خاصة الاقتصادية، حيث تُمثل العلاقات الاقتصادية حجر الزاوية فى تعزيز الروابط بين البلدين، ما يعود بالنفع على شعبى البلدين، وتشمل المجالات المحتملة للتعاون مشروعات بنية تحتية، وتجارية، واستثمارية، ومشروعات طاقة. حيث يمكن أن يسهم التعاون الاقتصادى فى تحقيق استقرار أكبر فى كلا البلدين، ويعزز من قدرتهما على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
إن مصر وتركيا تتمتعان بإمكانات كبيرة يمكن استثمارها لتعزيز هذا التعاون المشترك، الأمر الذى قد يساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لكلٍّ منهما، إذ إن التحديات الإقليمية تتطلب استجابة منسقة وتعاونًا فعالاً بين القوى الرئيسية فى المنطقة.
يمكن اعتبار زيارة الرئيس السيسى إلى تركيا خطوة مهمة نحو بناء علاقات أكثر قوة وفاعلية بين البلدين، إنها فرصة لتجاوز الخلافات القديمة أو العالقة، وتعزيز التعاون فى ملفات حيوية تؤثر على المنطقة بأسرها. ومن شأن هذه الزيارة أن تُسهم فى إعادة تشكيل العلاقات الإقليمية وتقديم نموذج للتعاون البنّاء فى مواجهة التحديات المعقدة التى تواجهها منطقة الشرق الأوسط.