بقلم : عبد اللطيف المناوي
هل ينوى رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أن يُعيد خريطة الاستيطان فى غزة بعد الحرب؟،أو بمعنى أكثر وضوحًا، هل ينوى احتلال غزة، وإعادة توزيع تركيبتها السكانية؟.
المسألة التى باتت واضحة للجميع أن غزة فى دمار كامل، حيث يريد نتنياهو تسويتها على الأرض لكى يُعيد تقسيمها من جديد.
ولكن لماذا أقول هذا الكلام، ولماذا بدأ بالفعل يردده محللون كثيرون فى دوائر السياسة العالمية؟. لأن نتنياهو ببساطة لا يتحدث نهائيًّا عن الخطة التى سوف تلى الحرب. بالتأكيد ليس رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى، ولا دوائره القريبة فى الحكومة، هى تلك التى لا تعرف بالضبط ماذا ينوون بعد الحرب، هم على العكس تمامًا، هم يريدونها أرضًا محروقة ليطفئوا حرائقها على مهل، ويعيدوا تقسيمها حسبما يريدون.
الأمريكيون والفلسطينيون والعرب يعتقدون أن نتنياهو ينوى احتلال قطاع غزة أو جزء منه على الأقل، ولكن ما يزيد على هذا هو أنه ربما يريد إعادة الاستيطان، أى أن يحول بعض أرضها، وفى أسوأ الظروف كل الأرض، إلى جعلها مستوطنة يعيش فيها إسرائيليون!.
ربما جاء وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، إلى المنطقة بسبب شعوره بهذا الأمر، هو ألمح إلى هذا، حيث قال بعد إنهاء زيارته إلى إسرائيل إن الولايات المتحدة تعارض أن تُعيد إسرائيل احتلال قطاع غزة.
خطوة نتنياهو تلك يدفعه إليها دفعًا اليمين المتطرف فى إسرائيل. هم كانوا يتحدثون بشكل دائم عن ضرورة استقدام شركات أمنية للسيطرة على الجوانب المدنية فى غزة، وهى طريقة لاستبدال آليات الحكم المدنى لحماس فى غزة، بما فى ذلك استخدام تلك الشركات (الأجنبية) لتوزيع المساعدات الإنسانية.
هناك سيناريو آخر ربما يلجأ إليه نتنياهو، وهو احتلال أو استيطان شمال القطاع، هذه الخطة رسمها له جنرالات سابقون، وتقوم على إفراغ المنطقة من سكانها تمامًا، والقضاء على قيادات وأعضاء حركة حماس، ومن ثَمَّ تحويلها فيما بعد إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليها، واعتبار كل مَن يتبقى بداخلها إرهابيًّا، ثم يُعيدون تشكيلها كما يرون.
حسب التقارير الصحفية التى غطت لقاء نتنياهو وبلينكن، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى نفى للمسؤول الأمريكى أنه ينفذ هذه الخطة، لكنه فى الوقت نفسه لم يعلن عن خطة بديلة، أو لم يطمئنه، ويطمئنا معه. ليترك الجميع يتحدثون عن السيناريو الأسوأ بكل تأكيد، وهو الاستيطان.
نتنياهو يريد استمالة الجميع، أبناء حزبه (الليكود)، الذين يرون ضرورة إعادة إنشاء المستوطنات فى غزة، أو أضعف إيمانهم، وهو تشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع الذى دمرته الحرب، عملًا بمقولة كانت قد أعلنتها وزيرة المساواة الاجتماعية وتعزيز مكانة المرأة الإسرائيلية، ماى جولان، فى أحد المؤتمرات، بأن انتزاع الأراضى من العرب هو أكثر ما يؤلمهم!. لكنى على المستوى الشخصى أعتقد أن إسرائيل لن تغامر أبدًا بإعادة المستوطنين إلى غزة، فهى تعرف جيدًا أن العرب لا ينسون حقهم فى استرداد أراضيهم.