توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الأفغنة إلى البلقنة

  مصر اليوم -

من الأفغنة إلى البلقنة

بقلم : عبد اللطيف المناوي

ناقشنا فى هذا المكان من قبل سيناريو قد يكون سيئًا للوضع فى سوريا، وهو خشية أن يتحول البلد الذى تخلص من نظام الأسد لتوه إلى أفغانستان جديدة، أو بمعنى أدق أن تكون سوريا أرضًا خصبة لجذب المتطرفين والحركات الإسلامية من العالم، مثلما حدث مع طالبان فى أفغانستان.

الآن، ونحن نناقش السيناريوهات السورية المستقبلية، لابد أيضًا أن ندرك أو يدرك السوريون أن هناك تهديدًا آخر قد يكون أخطر مما سميته (الأفغنة)، وهو (البلقنة)، وهو مصير شهدته منطقة البلقان بعد انهيار يوغوسلافيا فى التسعينيات، حيث أدى الصراع الطويل والانقسامات العرقية والدينية إلى تفتت الدولة إلى دويلات صغيرة، ما أسهم فى خلق بيئة خصبة للفوضى والتهديدات الأمنية، ومن ثَمَّ كانت المنطقة بأسرها عرضة للاستغلال من القوى الخارجية.

خطر (البلقنة) فى سوريا هو خطر انقسام الدولة إلى دويلات أو مناطق متنازعة تسيطر عليها مختلف القوى والفصائل المسلحة، سواء كانت ذات طابع طائفى أو عرقى، ما يهدد بخلق واقع جديد مرشح للامتداد إلى دول المنطقة.

لقد أصبح واضحًا أن الصراع السورى أخذ أبعادًا عميقة من الطائفية والعرقية، ومع دخول لاعبين إقليميين ودوليين مؤثرين فى الملف السورى، قد يتحول الوضع إلى معركة مستمرة من أجل النفوذ، أكثر من كونه صراعًا داخليًّا من أجل بناء الدولة.

من خلال النظر إلى الوضع الحالى فى سوريا، يمكننا ملاحظة وجود مناطق تسيطر عليها فصائل إسلامية، وأخرى تخضع لقوات كردية، بينما تظل العاصمة دمشق عمليًّا تحت حكم نظام «أبومحمد الجولانى» أو أحمد الشرع، فهو الذى يعين الوزراء، ويحدد شكل مَن يديرون فى هذا التوقيت على الأقل.

لن أكرر ما تحدثت عنه أو ما تحدث به غيرى فى السابق حول الجولانى، لكنى أتحدث هنا عن صعوبة شديدة فى تصور مسألة الوحدة الوطنية الحقيقية أو حتى استمرار حكومة مركزية قادرة على فرض سلطتها على كامل الأراضى السورية.

ولهذا أخشى تمامًا السيناريو الأسوأ، الذى قد يؤدى إلى تقسيم البلاد بشكل رسمى إلى دويلات صغيرة ذات هويات مستقلة، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا لمستقبل سوريا، ويكون مقدمة لتنفيذ مشروع «البلقنة» على نطاق أوسع يشمل المنطقة. الهدف الأخير هو الوصول إلى هذه النقطة لحماية مصالح أصحاب المصالح وضمان سيادة وأمن إسرائيل.

خطر (البلقنة) أو التفتت لن يضر فقط بالوحدة الوطنية أو الاستقرار السياسى فى سوريا، بل سيمثل تهديدًا أكبر للأمن الإقليمى العربى برمته، فتقسيم سوريا إلى دويلات قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية، سواء من دول إقليمية أو قوى عالمية تسعى لتحقيق مصالحها عبر إشعال المزيد من النزاعات.

وما أخشاه هنا هو تعزيز الهيمنة الإسرائيلية على منطقة الشام، فقد تجد تل أبيب نفسها فى موقف يمكنها فيه الاستفادة من غياب الدولة السورية الموحدة، وضعف الدولة اللبنانية، فتصبح الأرض ممهدة أمامها للتوسع أو حتى التأثير على قرارات مهمة تخص شعوب تلك الدول وغيرها.

إن المستقبل السورى جدير بالدراسة، وما نطرحه هنا هو تخوفات، نأمل ألا تكون واقعًا، ولكن كما يقولون العينة بينة. لذا يجب أن تكون رؤية سوريا المستقبلية قائمة على الوفاق الوطنى، ما يحميها من الوقوع فى فخ (البلقنة).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الأفغنة إلى البلقنة من الأفغنة إلى البلقنة



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon