بقلم - عبد اللطيف المناوي
رحبت الأطراف الثلاثة الرئيسية المعنية «إسرائيل وفلسطين وجنوب إفريقيا وبعض العرب والمناصرين للقضية الفلسطينية» بالحكم التاريخى الذى أصدرته محكمة العدل الدولية، فى قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل أمس الأول الجمعة، رغم عدم حصول أحد الأطراف الثلاثة على ما طلبه من المحكمة.
وأمرت محكمة العدل الدولية فى لاهاى، إسرائيل، باتخاذ جميع التدابير لمنع الإبادة الجماعية فى غزة بعد أن اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية المتعلقة بالإبادة الجماعية فى حربها فى القطاع. ورفضت طلب إسرائيل بإلغاء القضية، لكنها لم تصل إلى حد إصدار أمر لإسرائيل بوقف الحرب كما طلبت جنوب إفريقيا. فقد رحب وزير الخارجية الفلسطينى بالإجراءات المؤقتة التى أمرت بها المحكمة، مشيرا إلى أن قضاة المحكمة حكموا لصالح الإنسانية والقانون الدولى.
ودعا وزير الخارجية الفلسطينى رياض المالكى جميع الدول إلى ضمان تنفيذ جميع التدابير المؤقتة التى أمرت بها المحكمة، بما فى ذلك إسرائيل، وهذا تعهد قانونى ملزم. فيما أشادت جنوب إفريقيا، بالحكم، وقالت وزارة الخارجية فى جنوب إفريقيا واصفة الحكم بأنه يمثّل انتصارا حاسما لسيادة القانون الدولى ومنعطفا مهما فى السعى لتحقيق العدالة للشعب الفلسطينى.
بل إن أجمل التعليقات ورد على لسان وزير العدل بجنوب إفريقيا الذى قال إنه يعتقد أن الرئيس الراحل نيلسون مانديلا سيبتسم فى قبره لأنه من المدافعين عن اتفاقية الإبادة الجماعية. الغريب هو إشادة بعض المسؤولين الإسرائيليين بالحكم باعتباره انتصاراً لتل أبيب، حيث قال إيلون ليفى، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إن المحكمة رفضت طلب جنوب إفريقيا الذى وصفه بالسخيف، بأن تطلب من إسرائيل التوقف عن الدفاع عن شعبها والقتال من أجل الرهائن.
ووصف آفى ماير، رئيس التحرير السابق لصحيفة جيروزاليم بوست، القرار بأنه ضربة مدمرة لأولئك الذين يتهمون الدولة اليهودية بارتكاب إبادة جماعية. كما قال روبى سابيل، أستاذ القانون الدولى فى الجامعة العبرية فى القدس، لشبكة سى إن إن: «لا أستطيع أن أسمى ذلك فوزاً، لكن أود أن أقول إنه كان من الممكن أن يكون أسوأ».
وأضاف: «حقيقة أنه فى نظر الجمهور سيكون هناك ارتباط بأن أفعال إسرائيل يمكن أن تؤدى إلى إبادة جماعية، من الواضح أن هذا يضر بالعلاقات العامة». وكان الإجراء الذى تم اتخاذه يوم الجمعة بمثابة إجراء مؤقت من قبل محكمة العدل الدولية، بينما تدرس المحكمة إصدار حكم كامل بشأن ما إذا كانت إسرائيل متهمة بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية. وقد يستغرق هذا الحكم سنوات.
من النادر، إن لم يكن مستحيلا، أن يجمع المتهم والمجنى عليه والادعاء على القبول بحكم صادر فى قضية هم أطراف فيها. ولكن هذا النادر حدث بالفعل مع القضية، وسيبقى أحد الألغاز هو ترحيب كل الأطراف المعنية، فهل هى عبقرية نص الحكم أم البحث عن سبب لادعاء انتصار كلٍّ منهم أمام الرأى العام؟. سننتظر الحكم النهائى بعد شهور أو سنين، وسننتظر الطرف الذى سيتحول ترحيبه هجوما!.