بقلم - عبد اللطيف المناوي
واهمٌ من لا يعتقد أن إسرائيل تغلى من الداخل بسبب سياسات رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو. وربما يكون الانقسام فى القيادة الإسرائيلية هذه المرة أكثر وضوحا وتأثيرا من مرات سابقة.
ففى خضم حرب الإبادة والتهجير التى تشنها آلة نتنياهو العسكرية ضد سكان قطاع غزة، وراء ستار شعار «القضاء على حماس»، وكذلك خروج حركات احتجاجية داخلية عليه وعلى حكومته، أثار جانتس وزير الدفاع الإسرائيلى السابق وعضو مجلس الحرب الحالى مطالبته حكومة نتنياهو بستة مطالب يجب تلبيتها قبل 8 يونيو لضمان استمرار حزبه المسمى بـ(الصمود) فى الائتلاف الحكومى.
هذه المطالب تشمل إعادة الرهائن الإسرائيليين، القضاء على حركة حماس، نزع السلاح من غزة، إقامة إدارة مدنية أوروبية أمريكية فلسطينية للقطاع، تطبيع العلاقات مع السعودية، وتجنيد طلاب المعاهد الدينية لضمان قوة الجيش!.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو فقد رفض شروط ومهلة بينى جانتس، ما يعكس أزمة سياسية داخلية تعيق الوصول إلى رؤية موحدة للحكومة الإسرائيلية، وبالتالى مزيدا من الانقسام.
فقد صرح نتنياهو بأن جانتس اختار وضع شروطه وسط الحرب، واصفًا هذه الشروط بأنها «تلاعب بالكلمات». كما أشار نتنياهو إلى رفضه التام لقيام دولة فلسطينية كجزء من صفقة التطبيع المنتظرة مع الرياض.
نتنياهو تحدى جانتس بالإجابة على ثلاثة أسئلة مصيرية: هل هو مستعد لإتمام العملية العسكرية فى رفح للقضاء على حماس؟، هل يعارض الحكم المدنى للسلطة فى غزة حتى دون الرئيس محمود عباس؟، وهل يقبل بدولة فلسطينية فى الضفة وقطاع غزة كجزء من عملية التطبيع؟.
من هذه الأسئلة يبدو أن نتنياهو واضح فى رؤيته المعلنة، وهى القضاء على حماس، والتى يضاف إليها رفضه دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة تحت أى مسمى، وبالتالى فإن رؤيته لما يسمى بـ«اليوم التالى» قد أعلنت، هو أيضا أكد من وحى تلك الأسئلة معارضته لإقامة دولة فلسطينية، هو يرى فقط أن حكومة الطوارئ الحالية هى السبيل لتحقيق أهدافه.
الخلاصة، فى هذه المرحلة تبدو الخلافات بين نتنياهو وجانتس أكثر تعقيدًا مما هى فى العلن، وتعكس بشكل واضح تعامل وجهة نظر إسرائيلية ووجهة نظر أخرى أكثر تطرفا بخصوص غزة، ومستقبلها. المهلة التى حددها جانتس ورفض نتنياهو يزيد من الانقسام، لكنه يوضح كيف يتعامل المسؤولون الإسرائيليون مع الحدث، يبقى لدينا أمل فى الشارع الذى ربما يضغط على سلطته لإنهاء حرب زادت من سمعة إسرائيل سوءًا.