بقلم :عبد اللطيف المناوي
وافق وزراء الخارجية العرب، أمس، على التجديد للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، لفترة جديدة. الوزراء قرروا بالإجماع الموافقة على طلب مصر التجديد.
جاءت هذه الموافقة فى الوقت الذى شهدت فيه الأيام السابقة نقاشات وصلت إلى حد اللغط أحيانًا حول الجامعة العربية وجدواها، بل وصل الأمر إلى الحديث بلمزٍ واضح حول مصروفاتها ومخصصات الأمين العام الحالى والسابقين، وكبار الموظفين، والأساليب المتبعة فى آليات التوظيف. وامتد الحديث إلى التساؤل عن الالتزام بأن يكون الأمين العام من بلد المقر.
بدأ هذا الجدل مع تصريحات لمسؤول عربى رفيع تحدث فيه عن دور السفيرة الأمريكية فى تنصيب محمد مرسى رئيسًا فى انتخابات 2012، ثم الحديث عن أنياب الجامعة العربية وملايين الأمين العام. وسبحت معه فى ذات الاتجاه أصوات أخرى تؤيد وجهة نظره وتؤكد مخصصات الملايين والراتب الذى يصل إلى سبعين ألف دولار. وهى أمور جميعًا لم يكن مناسبًا طرحها الآن، من وجهة نظرى، مع الوضع الحرِج الذى تمر به المنطقة العربية، التى ليست فى حاجة إلى نقطة خلافية جديدة.
أيضًا، كان لافتًا ما تسرب عن ملاحظات تم توزيعها من إحدى الدول العربية الكبيرة والفاعلة تربط تسديد ميزانيتها السنوية فى الجامعة العربية بإجراء إصلاحات مالية وإدارية أساسية، أولها تخفيض مستحقات مالية للأمين العام، ومراجعة سياسة التوظيف غير الدائم. توقيت الملاحظات ومضمونها إشارة إلى أن تمرير إعادة ترشيح أبوالغيط لفترة ثانية يأتى خاليًا من الدعم.
قرار الدول بالموافقة على الطلب المصرى ببقاء أبوالغيط فى منصبه جاء بمنطق الضرورة، وذلك إدراكًا لأن طرح مرشح آخر من دولة أخرى وضمان التوافق عليه لن يكون أمرًا سهلًا.
مع التحفظ على الضجة التى أثيرت، ليس تحفظًا على كل مضمونها، ولكن التوقيت والدوافع هما سبب التحفظ. فإن موضوع الجامعة العربية هو موضوع شديد الأهمية، ويجب التعامل معه بجدية وأسلوب علمى. هناك ضرورة لإحداث تغيير فى أداء الجامعة. هناك تراجع واضح فى وجود ودور الجامعة المتوقع منها. وبالتالى إذا كانت هناك إيجابية فيما ثار من جدل، فهى أهمية فتح الملف والنقاش حوله.
وبعد أن أهنئ السيد أحمد أبوالغيط بالتجديد له، فإننى أدعوه إلى إطلاق برنامج إصلاحى يعلن عنه ويضع حدوده وأهدافه بواقعية شديدة وشفافية كاملة، بحيث تتحمل كل الأطراف مسؤوليتها. المقارنة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى- وهذا يحدث أحيانًا- فيه قدر كبير من التطرف والأوهام.. الواقع مختلف والأنظمة مختلفة. والأكيد العقليات والأهداف والنوايا والالتزام، كل هذا مختلف.