بقلم - عبد اللطيف المناوي
لا شك عندى فى أن الأستاذ مكرم محمد أحمد هو أحد أهم رموز مهنة الصحافة فى مصر عبر تاريخها، ولا شك أيضاً فى أنه يستحق أن نسبق اسمه بكلمة الأستاذ، فهذا هو حقه الطبيعى والمهنى.
لا أستغرب يوماً إذا وجدت الأستاذ مكرم فى أى مكان يحمل أوراقا وقلما، يتابع ما يحدث، ليكتب ما يحدث، بطبيعة الصحفى الذى لم يتركه يوماً.
الأستاذ مكرم، وعلى المستوى الشخصى، يمتلك رؤية واضحة لمشكلات الصحافة فى مصر، كذلك يمتلك رؤية للحلول التى يمكن العمل من خلالها، وقد تكون الأمور أفضل كثيراً لو استمع الآخرون إلى رؤيته كأحد أهم شيوخ الصحافة فيما يطرح من آراء، على أساس ما يمتلكه من خبرة واسعة فى هذا المجال.
هذه شهادة فى الأساس للأستاذ مكرم، نقولها قبل أن نتساءل منتقدين ذلك القرار الذى صدر منه بوقف النشر حول قضية مستشفى ٥٧٣٥٧ لحين انتهاء اللجنة الوزارية من التحقيقات التى تجريها حالياً وإعلان نتائجها، ومطالبة جميع الأطراف بالتوقف عن الكتابة فى الموضوع ووقف بث البرامج المرئية والمسموعة التى تتناوله.
فى هذه المسألة، أعتقد أن الأستاذ مكرم قد خاصم مواقفه الثابتة. خاصم قناعته المهنية. خاصمها كصحفى مازال يمارس عمله حتى الآن.
أعتقد كذلك أنه تجاوز باتخاذ قرارات ليست من حق المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وإذا كانت من حقه، فهى مسألة تحتاج إلى إعادة نظر، لتناقضها مع حقوق أصيلة لجهات قضائية، بل الأكثر دهشة أنه هدد من لم يلتزم بقرار المجلس باتخاذ الإجراءات القانونية.
لقد طرح المؤلف والكاتب الكبير وحيد حامد وغيره عدداً من الأسئلة، وانتظر الإجابات، فى حين أتى الطرف الآخر؛ إدارة مستشفى ٥٧٣٥٧ وآخرون، بردود مختلفة، حتى تحركت الحكومة، متمثلة فى وزارة التضامن والدكتورة غادة والى، لتشكل لجنة قضائية موسعة لفحص أعمال المستشفى الذى يعالج سرطان الأطفال، وأوجه الانتقادات المختلفة المتعلقة بإدارته، حيث يترأسها قاضٍ جليل، وتضم ممثلين عن الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وأساتذة متخصصين فى أورام الأطفال وعددا من الشخصيات الموثوق فيها.
إن الحق الطبيعى للبشر أن يكون هناك حوار حول القضايا الخلافية، طالما أن هناك قواعد وقوانين تنظم هذا الخلاف، وتنظم النشر فيه.
إن الحق الطبيعى للمصريين أن يعرفوا أكثر حول قضية تهم مستقبل أطفال الكثيرين منهم، وبالتالى أتصور أو أتمنى أن يعيد الأستاذ مكرم الأمور إلى وضعها الطبيعى، وأن ينتصر إلى الصحفى الذى بداخله.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع