توقيت القاهرة المحلي 14:22:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان أمام المجهول

  مصر اليوم -

السودان أمام المجهول

بقلم : عبد اللطيف المناوي

يعيش السودان اليوم واحدة من أحلك مراحله التاريخية، مع استمرار الصراع الدموى بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ منتصف إبريل ٢٠٢٣، وهى حرب لا تلوح فى الأفق أى بوادر لحلها، بل تتفاقم حدتها مع مرور الوقت. هذا الصراع الذى بدأ بدوافع سياسية وعسكرية يتحول الآن إلى كارثة إنسانية، حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر، وسط مشهد دولى وإقليمى معقد.

الحرب أخذت منحى أكثر عنفًا وانتقامًا، خاصة مع الانتهاكات الوحشية التى ارتكبتها قوات «الدعم السريع» ضد المدنيين فى شرق ولاية الجزيرة. هذه الممارسات لم تقتصر على القتال التقليدى، بل شملت النهب، والتهجير القسرى، والاعتداء على البنية التحتية.

الجيش، رغم ما يواجهه من تحديات لوجستية واستراتيجية، يحظى بدعم شعبى نسبى يسعى من خلاله لاستعادة السيطرة على البلاد. لكن هذا الصراع لا يقتصر على الداخل السودانى، بل تتحكم فيه قوى إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالحها، سواء عبر الموارد الطبيعية أو الممرات المائية الاستراتيجية، مما يعقد فرص التوصل إلى حل سريع.

على الصعيد الدولى، تبدو أزمة السودان على هامش اهتمامات القوى العالمية، التى تنشغل بصراعات أخرى مثل الحرب فى أوكرانيا وغزة. حتى جهود الأمم المتحدة تعثرت بسبب نقص التمويل وغياب الإرادة السياسية، ما يجعل احتمالية نشر قوات دولية لحماية المدنيين أمرًا مستبعدًا. فى الوقت نفسه، تعانى دول الجوار الإفريقى، مثل إثيوبيا وتشاد، أزمات داخلية تجعلها غير قادرة على لعب دور فعال فى حل الأزمة السودانية.

أما على الصعيد الأمريكى، فلم يذكر السودان أثناء الحملة الانتخابية، ولم تتضح ملامح السياسة الخارجية للإدارة الجديدة.

تتزايد المخاوف من أن تتوسع رقعة الحرب لتشمل مناطق جديدة، مثل شرق السودان ودارفور وغرب كردفان. هذه التوقعات يعززها الانتشار العسكرى المتزايد لكلا الطرفين، بالإضافة إلى استقطاب مجموعات إثنية وقبلية لم تكن منخرطة فى الصراع من قبل. ومع انتهاء موسم الأمطار وعودة الطرق للعمل، يُتوقع أن تصبح المعارك أكثر دموية وتدميرًا.

وسط هذا المشهد القاتم، يرى العديد من المحللين أن الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع يكمن فى إرادة وطنية خالصة. هناك حاجة ماسّة إلى مائدة مستديرة تجمع جميع مكونات الشعب السودانى، بعيدًا عن التدخلات الخارجية للوصول إلى رؤية شاملة تُنهى الحرب وتعيد بناء السودان.

ورغم صعوبة هذا المسار، فإن التجارب الدولية تشير إلى أن الحوار الوطنى هو السبيل الأنجع لتجاوز الأزمات. دعم أصدقاء السودان من دول الجوار والمجتمع الدولى يمكن أن يسهم فى خلق بيئة مواتية للحوار.

السودان يقف اليوم على مفترق طرق. استمرار الحرب يعنى المزيد من التمزيق والدمار، بينما يتطلب السلام شجاعة سياسية وتنازلات مؤلمة من جميع الأطراف. ومع أن الواقع الحالى يبدو قاتمًا، إلا أن الأمل يظل معقودًا على إرادة السودانيين أنفسهم لوقف هذه الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان أمام المجهول السودان أمام المجهول



GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

GMT 10:32 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أين الجبرتى الجديد؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
  مصر اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon