بقلم - عبد اللطيف المناوي
خلال فترة رئاسته، تراجعت إدارة ترامب عن العديد من القوانين البيئية وانسحبت من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمناخ. أعطى ترامب الأولوية لمصالح صناعة الوقود الأحفورى على حساب الاستدامة البيئية، مما أثار قلق المجتمع الدولى بشأن التقدم المحرز فى مكافحة تغير المناخ.
كان انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ من بين أكثر القرارات المثيرة للجدل. هذا القرار عكس نهج ترامب فى تقليل دور الحكومة الفيدرالية فى تنظيم الصناعات البيئية وتخفيف القيود على الشركات العاملة فى قطاع الطاقة التقليدية. أبدى المجتمع الدولى قلقه من أن يؤدى هذا القرار إلى تقويض الجهود العالمية الرامية إلى الحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف الاستدامة البيئية. كما أن السياسات البيئية لإدارة ترامب أثرت سلبًا على حماية الأراضى العامة والمياه النظيفة. فقد تراجعت الإدارة عن العديد من القوانين التى كانت تهدف إلى حماية الموارد الطبيعية، مما أثار استياء جماعات البيئة والنشطاء الذين رأوا فى هذه الخطوات تهديدًا للتنوع البيولوجى والصحة العامة.
فى انتخابات 2016، لم تتمكن الاستطلاعات من التقاط الدعم الحقيقى لترامب بسبب ما يُعرف بـ«تصويت ترامب الصامت»، حيث احتفظ العديد من أنصاره بنواياهم سرًا. تسلط هذه الظاهرة الضوء على تحديات منهجيات الاقتراع التقليدية والحاجة إلى فهم أعمق لسلوك الناخبين غير التقليديين، مما يزيد من حالة عدم اليقين حول نتائج الانتخابات المقبلة.
ظاهرة تصويت ترامب الصامت تعكس تعقّد المشهد الانتخابى الأمريكى وصعوبة التنبؤ بنتائجه. فالكثير من الناخبين الذين دعموا ترامب لم يظهروا فى استطلاعات الرأى، مما أدى إلى مفاجأة كبيرة فى نتائج الانتخابات. هذا الأمر يزيد من حالة عدم اليقين ويجعل من الصعب على السياسيين والمراقبين تقدير الدعم الفعلى لأى مرشح. جاء فوز ترامب الأول كمؤشر على تحول نحو الانجذاب نحو اختيار المشاهير لا السياسيين التقليديين، حيث أظهرت حملته القدرة على تفوق الشخصيات الكاريزمية والخارجية على السياسيين التقليديين فى عصر الإنترنت والإعلام الاجتماعى.
ويمكن أن تشهد بلدان أخرى صعود سياسيين غير تقليديين يستخدمون شهرتهم وحضورهم الإعلامى لتحقيق النجاح الانتخابى، مما يعيد تشكيل المشهد السياسى العالمى. وهو الأمر الذى بدأنا نشهده بالفعل فى عدد من الدول الأوروبية.
نهج ترامب الإعلامى كان جزءًا كبيرًا من نجاحه. فقد استفاد بشكل كبير من وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام التقليدى لبناء قاعدة شعبية قوية والتواصل مباشرة مع الناخبين. هذا النهج قد يشجع شخصيات أخرى غير تقليدية، مثل المشاهير ورجال الأعمال، على دخول الساحة السياسية واستخدام نفس الأساليب لتحقيق النجاح. ترامب قد يواجه هذه المرة منافسًا شرسًا، ومجتمعًا أكثر شراسة، يحشى أى صدام مع العالم، لكن أمريكا الآن أصبحت أكثر انفتاحًا على سياسات ترامب، شرط تقويمها، بما لا يؤثر فى الاقتصاد ومعيشة المواطن الأمريكى. فهل يستجيب ترامب لتخوفات الخبراء؟!. هذا ما سوف نراه فى آخر ٢٠٢٤، وإن غدًا لناظره قريب.