بقلم:عبد اللطيف المناوي
تظل مسألة استغلال الأطفال في الصناعة على مستوى العالم قضية مُلِحّة تستدعى اهتمامًا وتصديًا جديين. رغم التقدم الذي تحقق في العقود الماضية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الطفل، لا يزال الملايين من الأطفال حول العالم يتعرضون للإساءة والاستغلال في قطاعات متعددة. يتمثل استغلال الأطفال في تشغيلهم في وظائف تفتقر للسلامة والحماية، مما يؤثر بشكل سلبى على صحتهم الجسدية والنفسية ويحرمهم من حقوقهم الأساسية مثل التعليم واللعب.
عوامل متعددة تسهم في استمرار هذه المشكلة، منها ضعف البنية التحتية والفقر والنزاعات وعدم توافر فرص التعليم في بعض المناطق، ما يجعل الأطفال عُرضة للاستغلال. أيضًا الطلب المستمر على منتجات ذات تكلفة منخفضة يدفع بعض الشركات وأصحاب الأعمال إلى الاستفادة من عمالة الأطفال لتقليل تكاليف الإنتاج.
وفقًا لإحصائيات منظمات دولية، يعيش ما يقرب من 152 مليون طفل تحت سن الـ17 في ظروف عمل تشمل أنشطة خطيرة ومؤذية.
منظمة العمل الدولية (ILO) تشير إلى أن الأطفال المعرضين للاستغلال في الصناعة يواجهون خطر التعرض للأمراض والإصابات وسوء التغذية. القطاعات المتضررة تشمل التعدين والزراعة والملابس والسجائر والمواد الكيميائية. يعانى هؤلاء الأطفال سوء الظروف المعيشية والتعليمية، مما يحجب آفاقهم ويقيّدهم في تحقيق إمكانياتهم.
استغلال الأطفال في الصناعة يؤثر على الاقتصاد العالمى، حيث يقدر تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) أن الاستغلال يُكلِّف الاقتصادات الوطنية مبالغ هائلة في تكاليف الرعاية الصحية وفقدان الإنتاجية. إذا لم تتم معالجة هذه المشكلة، فإن العالم سيواجه تحديات أكبر في تحقيق التنمية المستدامة.
يظل الأمل في التغيير بالتعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدنى من أجل القضاء على هذه الظاهرة البشعة، وذلك باعتماد التشريعات وفرض عقوبات صارمة على أصحاب الأعمال الذين يستغلون الأطفال، وتوفير فرص تعليمية مجانية وجودة للأطفال، وبذلك يمكن تحقيق تحسن ملموس.
تشير الإحصائيات إلى أن هناك تقدمًا بطيئًا، ولكنه مستمر في مكافحة استغلال الأطفال. على سبيل المثال، توجد تحسينات في عدد الأطفال العاملين في الزراعة والتعدين. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به.
استغلال الأطفال في الصناعة على مستوى العالم هو تحدٍّ يتطلب جهودًا دولية متكاملة. يجب أن يتحد العالم للقضاء على هذه الظاهرة وضمان توفير بيئة آمنة ومستدامة للأطفال حول العالم، حيث يمكن للأطفال أن يعيشوا بحرية وكرامة، ويستفيدوا من حقوقهم الأساسية.