بقلم : عبد اللطيف المناوي
كل المهتمين بالشأن العام فى العالم، عربًا وغير عرب، انتظروا خطاب السيد حسن نصرالله، أمين عام «حزب الله»، بعدما أعلن عن موعده. حُشدت الساحات، وعلت الهمم، واتسعت المدارك، انتظارًا لهذا الحدث الجلل، الذى سيحمل- ولابد- الكثير من المعلومات والحقائق.
فجاء الخطاب فى ٥٥ دقيقة. سادت فيه نبرة السخرية، لكن التوتر لم يغب عن نبرة نصرالله. احتوت كلمات زعيم الحزب على رد بلا معلومات أو إثباتات. غابت الدولة اللبنانية بشكل كامل عن كلمات السيد نصر الله، الذى أقر بأن الهجوم الاستباقى الإسرائيلى حدث قبل نصف الساعة من بدء هجوم الحزب، وهذا الإقرار بمثابة إقرار صريح بأن القيادة العسكرية للحزب مخترقة أمنيًّا، وهذا يفسر نجاح إسرائيل فى اغتيال قياداته العليا فى أوقات سابقة، وآخرهم فؤاد شكر.
حمّل نصرالله تل أبيب مسؤولية التصعيد، مشددًا على أن اغتيال فؤاد شكر فى ضاحية بيروت تجاوز كل الخطوط الحمراء، وأن حزبه تأخر فى الرد على هذا الحادث عقابًا لإسرائيل (مثلما قال قبل ذلك)، لكن الرد جاء وحسب الطريقة التى فضلها حزب الله، وأن الرد انتهى!. أعلن نصرالله فى خطابه كذلك أن كل طرف فى «محور المقاومة» سيقرر كيف يرد بطريقته، حيث سيكون هناك رد لإيران وللحوثيين بعد ردّه!.
هذه أهم نقاط الخطاب الذى انتظره الكثيرون، إلا أنهم قدر انتظارهم لهذا الخطاب، اختلفوا فى تقييمه.
كان المتفائلون يرون أن أحسن الأوقات للمشاركة فى الصراع ضد إسرائيل لتحقيق أفضل النتائج السياسية هو فتح الجبهة فى الجنوب اللبنانى، خصوصًا أن لدى المتفائلين انطباعًا بأن «حزب الله» لديه من السلاح والرجال ما هو أفضل للمواجهة، وهو كثيف الكتلة النارية، كما كان يقول دائمًا من «سرديات» القوة، حسب تعبير نصرالله نفسه، من دون التفكير فيها، سواء صح الكلام أو لم يصح.
الحقيقة أن استقبال المتفائلين المنتمين يشير إلى أنه لا أمل فى هؤلاء أن يفيقوا، ولا معنى للإجهاد بالتوجه إليهم بحديث العقل.
أما استقبال المعارضين لكل طرح ومواقف «حزب الله» وسيده صاحب «السرديات»، فإن قناعتهم أنه ليس أكثر من ذراع إيرانية فى المنطقة، وهؤلاء مثلهم مثل المجموعة الأولى ستظل على موقفها مهما تمت مواجهتهم بمنطق، فلن تغير رأيها.
الملحوظ هنا أن هذه الفئة (المعارضة) ازداد حجمها طوال الفترة الماضية، فلو قارنّا بين موقف استقبال خطابات نصرالله، وموقف «حزب الله» بشكل عام منذ ٢٠٠٦ حتى الآن، سنجد أن هذه الفئة تتضاعف يومًا بعد يوم.
هناك موقف ثالث أو مستوى ثالث فى تلقى «سرديات» نصرالله، وهو أولئك القابلون للتحليل العقلانى، لكن للأسف يتراجع حجم هؤلاء فى ظل حالة اللا منطق التى تحكم المنطقة.