بقلم - عبد اللطيف المناوي
لقد كانت ثورة 30 يونيو فاصلة فى كثير من الأمور، لا سيما الخاصة بالعلاقات المصرية الدولية، وتعرفنا فى المقال السابق كيف تغيرت وجهة النظر الأمريكية والأوروبية لمصر بعد وضوح المشهد والرؤية، بفضل الدولة الجديدة التى تأسست على قيم حب الوطن، والعمل من أجل رفعته وبنائه.
فى السطور التالية نواصل ما بدأناه من الكتابة عن واحد من أهم الملفات السياسية الخاصة بـ30 يونيو، ونعرج هنا للموقف الإفريقى، حيث توترت العلاقة بين مصر والاتحاد الإفريقى بعد عزل مرسى، ليخرج الاتحاد بقرار تجميد مصر من العضوية، ولكن بعد مرور عامين من نزول الملايين إلى الشوارع، حدث تحول جذرى فى موقف الاتحاد.
إذ تراجع مجلس الأمن والسلم الإفريقى فى يونيو ٢٠١٤ عن قراره السابق، وهذا التراجع كان يعد اعترافًا واضحًا بأن ما حدث فى ٣٠ يونيو ثورة شعبية حقيقية، ويرجع ذلك إلى فضل التحركات المكثفة من جانب الخارجية المصرية مع عدد من العواصم الإفريقية فى عهد الرئيس المؤقت السابق عدلى منصور، إلى جانب الجهود التى بذلتها عدد من دول الخليج لتوضيح الصورة المغلوطة عن الثورة لدى الدول الإفريقية.
عادت مصر إلى أحضان الاتحاد الإفريقى، وسط ترحيب حافل، بمشاركتها فى أعمال الدورة الـ٢٣ لقمة الاتحاد الإفريقى فى يونيو ٢٠١٤، ومن بعدها فى أديس أبابا فى يناير الماضى، ثم الأخيرة فى جوهانسبرج، كما شهدت العلاقات مع دول حوض النيل وعلى رأسها إثيوبيا تطورًا لافتًا للأنظار.
ورغم أن جنوب إفريقيا كانت آخر دول القارة السمراء التى أقرت بشرعية 30 يونيو، وكانت معارضتها للثورة أحد أسباب تعليق عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى لنحو عام، بسبب دعمها جماعة الإخوان، فإن الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس جاكوب زوما لمصر فى إبريل 2015 كانت نقطة تحول فى الموقف الجنوب إفريقى، إذ بعثت رسالة واضحة لمصر والعالم أجمع بأن جنوب إفريقيا تدعم إرادة المصريين وكل الخطوات التى تتخذها القيادة الحالية فى سبيل إرساء الأمن والاستقرار.
وعلى النقيض من المواقف الماضية التى تحولت من رفض الثورة إلى قبول النتائج المترتبة عليها، كان الموقف الروسى فى صفوف الدول الأولى المؤيدة لثورة 30 يونيو، امتدادًا لموقفها الثابت من جانب جماعة الإخوان الإرهابية بنص حكم المحكمة العليا الروسية عام 2003.
ما نريد أن نستخلصه هنا هو أن العلاقات بين الدول قائمة على المصالح، ولم يكن لدول العالم أن تسعى لإصلاح علاقاتها مع مصر سوى عندما ثبت لها أن مصر دولة قادرة على التغلب على العراقيل التى واجهتها، وأنها دولة قوية، تسير ككيان واحد، سلطة وشعبًا، فى طريق واحد.