بقلم - عبد اللطيف المناوي
ختمت مقال يوم أمس بالتأكيد على ضرورة وجود الرغبة والإيمان لدى المسؤولين فى الدولة بما يفعلون من حركات تصحيحية للاقتصاد، والتأكيد أيضًا على أن مصر بالفعل تستطيع تجاوز الأزمة بإذن الله. وفى رأيى، ووفقًا لما قرأته وشاهدته خلال الأسابيع الماضية من تحركات إيجابية فى منهج الحكومة نحو الإصلاح، أعتقد أن هذه الرغبة ترتبط ببعض الممارسات.
أولها القدرة على تحمل الصدمات، ووضع سيناريوهات كاملة للتعامل مع الصدمة، وهو ما كنت أنادى به فى السابق من فن إدارة الأزمات إن حدثت. فنحن مازلنا فى بداية الحركات، ومن الوارد جدًا أن تحدث بعض الأزمات الصغيرة، وإيمان الحكومة بما تفعله سيتحدد تمامًا بقدرتها على امتصاص صدمة قد تحدث فجأة، ومن حيث لا تدرى الحكومة.
فقد نطرق باب أسواق الدين مرة أخرى، وقد يكون هذا مسار هجوم حاد، لذا لا بد للحكومة أن تتعامل بشفافية مع المسألة، وتؤكد أن مصر باتت فى وضع أفضل بكثير للوفاء بالتزامات الديون قصيرة الأجل، وبالتالى هى قادرة على إدارة ديون البلاد بشكل أفضل مما سبق.
قد تقابلنا أسابيع من التقلبات بين الأسوأ والأفضل، فالأيام القادمة لن تسير فى خط مستقيم، مثلها مثل الحياة بشكل عام، ولكن على الحكومة أن تتأقلم حاليا مع هذا الصباح الجديد، وأن تدرك أنه قد يكون ملبدًا بالغيوم فى أوله، ولكن الشمس ستشرق حتمًا.
ثانية الممارسات هى ضرورة امتداد فترة استقرار السياسات النقدية قدر استطاعتنا، وذلك إذا أردنا جذب رأس المال الأجنبى المباشر، فصفقة رأس الحكمة التى تم الإعلان عنها منذ أسبوعين تقريبًا، لم تكن وليدة صدفة أو حظ، بل هى نتيجة فترة طويلة من المباحثات ودراسة الأوضاع فى مصر، وفى نهايتها وثقت الحكومة الإماراتية فى قدرة الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة على النهوض من جديد، ولهذا قررت الاستثمار.
أما عن ثالثة الممارسات فى تقديرى فهى ضرورة أن يشعر المواطنون بنتائج هذه الحركة التصحيحية، وخصوصًا فى مسألة الأسعار، فقد جرى تسعير معظم السلع خلال الفترة الماضية بسعر صرف مبالغ فيه، يلامس ما كنا نسمعه من أسعار فى السوق السوداء، الآن صار الدولار فى حدود الخمسين جنيها فى البنوك، لذا لا بد من شجاعة حكومية لتخفيض الأسعار على المواطنين، ليس بتحديدها لأن هذا يتعارض مع آلية السوق لكن بإيجاد طرق وابتكار وسائل تضمن معقولية الأسعار، هذه المرحلة تتطلب تكاتف المواطن مع حكومته، لا أن تتركه يصارع الأسعار وحده.
أخيرًا أود أن أؤكد أن الحركة التصحيحية للاقتصاد المصرى، ليس هدفها الوحيد هو ضبط سعر الصرف، ولكن هو رؤية أكبر وأشمل للاقتصاد، وأن مسألة التحكم فى سعر الصرف هى إحدى الوسائل، لا الغاية.