بقلم - عبد اللطيف المناوي
الأحد المقبل، القارة العجوز ستحبس أنفاسها عندما يتوجه الناخب الفرنسى ليختار رئيسه لفترة مقبلة، بعد أن انحصرت المنافسة بين إيمانويل ماكرون، الرئيس الحالى، ومارين لوبان، زعيمة الحزب اليمينى، الذى ينعته الكثيرون بـ«المتطرف».
التقارير تتحدث عن تخوف أوروبى من احتمال فوز لوبان، وهى التى أظهرت موقفًا شبه محايد من الأزمة الروسية- الأوكرانية، بل إن البعض يتحدث عن موقف لوبان المساند للرئيس الروسى بوتين فى حملته العسكرية، على عكس الموقف الأوروبى والغربى العام الذى يعتمد حصارًا اقتصاديًا قويًا على روسيا، حتى وإن اخترقته بعض الشركات الأوروبية.
التخوفات واضحة من ظهور رئيس يتقلد منصب أقدم الجمهوريات فى العالم، ويسعى بشكل واضح للوقوف أمام طموحات الاتحاد الأوروبى، وتقويض قوة حلف شمال الأطلسى (الناتو)، خصوصًا أنها وعدت بسحب قوات بلادها من هيكل القيادة العسكرية للحلف.
موسكو سيصير لها حليف قوى، وهى لوبان، وبحسابات القوى النووية فإن الغرب يخشى أن تكون أوروبا محاصرة بين قوتين نوويتين كبريين (متناغمتين)، وأقصد هنا روسيا بالطبع، إضافة إلى فرنسا القوة النووية الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى.
أتصور أن الصدام بين روسيا وفرنسا من جهة- إذا ما وصلت لوبان لهدفها- والغرب وأوروبا من جهة أخرى، لن يحدث، لأننا هنا نكون إزاء رئيس فرنسى وليس رئيس حزب يمكنه قول أى شىء خلال فترة الانتخابات، وما قبلها. لقد أكدت لوبان نفسها أنها ستسعى للتوسط بين أوروبا وموسكو، وقد تدعم فى هذا الاتجاه فى أيامها الأولى كرئيس.
إذا ما وصلت لوبان إلى كرسى الرئاسة الفرنسية فلاشك أنها لن تتخلى عن معتقداتها وآرائها، ولكنها مجبرة على أن تتعامل كرئيس جمهورية، وليس كسياسية، يمكن أن تقول آراء من عندياتها، ليست متوافقة مع مصلحة بلدها. أتصور أن لوبان ستكون أكثر سعادة إذا ما ظلت بعيدة عن موقع المسؤولية، باعتبار أنها أكثر حرية فى إبداء آرائها، لقد كانت لوبان من أشدّ المؤيدين للمفاوضات مع روسيا، وكانت سعيدة بما يفعله ماكرون، مع وجودها بعيدًا عن الأضواء، ولكن تعليق الرئيس الفرنسى الحالى محادثاته مع الجانب الروسى سيجعلها مجبرة على أن تقول موقفها.
ما قلته منذ أيام، وتحديدًا قبل الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية، سأقوله مرة أخرى، ولكن بشكل آخر. لوبان إذا ما وصلت إلى الرئاسة ستتعامل مع العالم كرئيس للجمهورية، وستخفف لهجتها الصدامية، وسيتعامل معها الجميع، حتى من يخشونها حاليًا.