بقلم - عبد اللطيف المناوي
من المقرر إقامة انتخابات البرلمان الأوروبى لعام 2024 فى الفترة من 6 إلى 9 يونيو 2024. ستكون هذه الانتخابات هى العاشرة منذ أول انتخابات مباشرة فى عام 1979، كما أنها أول انتخابات للبرلمان الأوروبى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. يدلى نحو 370 مليون ناخب عبر بلدان التكتل لتجديد البرلمان الأوروبى، فى انتخابات يُتوقع أن تكرّس صعود اليمين المتطرف والأحزاب القومية.
وتسعى أحزاب اليمين المتطرف إلى تعزيز سلطتها فى البرلمان، ما سيمنحها تأثيرًا أكبر فى وضع التشريعات الأوروبية، وفقًا لاستطلاعات الرأى.
كما سبق أن أشرنا عدة مرات، فإن هناك حالة من تنامى صعود اليمين فى أوروبا، إذا اختزلنا أسباب صعود اليمين المتطرف والاتجاهات الشعبوية أوروبيًّا فى ازدياد حركة الهجرة المشروعة وغير المشروعة وزيادة عدد اللاجئين، وتنامى رغبة قطاعات كبيرة من المجتمع فى الحفاظ على ما يعتقدونه نقاء هوية ثقافيًّا ودينيًّا تتسم به أوروبا، إذا اعتقدنا أن هذا هو السبب الرئيسى لتنامى اليمين، فسوف يكون تحليلًا بعيدًا عن الواقع. الاعتقاد الأقرب، فى ظنى، هو تلك الحالة من تآكل الثقة فى الأحزاب التقليدية التاريخية الأوروبية باتجاهاتها المختلفة، وما يمكن ملاحظته مؤخرًا من حالة خلل فى تقاسُم الثروة داخل هذه المجتمعات. الملحوظ أن هناك ظاهرة تركز الثروة فى عدد محدود من السكان، ويتوازى ذلك مع ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، وأيضًا ارتفاع تكلفة نفقات المعيشة.
سيكون أول مظاهر هذا الصعود فى انتخابات البرلمان الأوروبى، الذى يبدو أنه يتجه نحو تزايد، قد يصل إلى حد السيطرة، من اليمين، وذلك سيكون مقدمة لسياسات وتوجهات جديدة على المشهد السياسى والاقتصادى الأوروبى. إذا ما حدث هذا التوقع فإن شكل البرلمان وتوازناته ستتغير عما ظلت عليه تاريخيًّا منذ إنشائه. منذ معاهدة روما لعام ١٩٥٧ سيطرت أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط والليبراليون على البرلمان. اليوم، هناك توقعات بأن تحقق أحزاب اليمين المركز الأول فى فرنسا والمجر وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا وفنلندا والنمسا والمجر وجمهورية التشيك وبولندا، وأن تحل فى المركزين الثانى والثالث فى دول الاتحاد الأوروبى الأخرى. وقد تصل نسبتها إلى ما يزيد على ربع عدد المقاعد بدلًا من 127 الآن.
أحزاب اليمين المتطرف موجودة بالفعل فى خمس حكومات فى الاتحاد الأوروبى، ومنتظر أن يزيد العدد بتحقيق اليمين مكاسب فى هولندا وبلجيكا والنمسا، وطبعًا مارى لوبين، التى قد تكون الرئيس القادم لفرنسا.
حتى تلك الدول، التى بدا وكأنها ليست أرض اليمين، بدأت تتعرض لموجات اليمين، وبدأت أحزاب اليمين مؤخرًا تحقيق مكتسبات لم تحدث من قبل.
وعلى الرغم من أن صعود الأحزاب اليمينية الشعبوية ليس ظاهرة جديدة، فإنه من الواضح أنها وصلت إلى مرحلة جديدة قد تُمكِّنها من أن يكون لها، للمرة الأولى على الإطلاق، تأثير كبير على مستقبل الاتحاد الأوروبى.