بقلم : عبد اللطيف المناوي
تحدثنا بالأمس عن توقعات تعامل ترامب مع طهران، ما يؤدى بانعكاساته على المنطقة العربية.وانتهينا بحديث عن اتفاقيات التطبيع التى أبرمت خلال فترة رئاسته الأولى لأمريكا. فهل يحدث جديد؟
أظن أن ترامب يريد التوسع فى مثل تلك الاتفاقيات، فهو نفسه أعرب عن اهتمامه بتوسيع تلك الاتفاقيات، وربما يشمل ذلك دولًا أخرى فى المنطقة.
قد يتيح تطبيع العلاقات مع إسرائيل فرصًا اقتصادية كبيرة للدول العربية، خاصة فى مجالات التكنولوجيا والسياحة والدفاع، لكن ذلك أظن أنه سيصبح رهينة التقدم فى القضية الفلسطينية، وأظن كذلك أن الدول العربية ستستخدم تلك الورقة أولا لحل شامل وكامل للقضية ما يخدم صور الأنظمة تجاه شعوبها، وكذلك يحقق لها الاستفادة الاقتصادية المطلوبة. هنا يبرز السؤال الذى لا إجابة عليه حتى الآن، وهو: هل إسرائيل راغبة فى أمر كهذا فى الأساس؟ هل سوف تستجيب لضغوط ترامب- إذا ضغط- لإنهاء الحرب الدموية التى تشنها على غزة ولبنان؟
الأمر متروك للأيام بكل تأكيد.
نأتى لأمر آخر، وهو التواجد العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط.. ترامب فى فترته الأولى شكك بشكل متكرر فى أهمية هذا التواجد فى المنطقة، مشيرًا إلى رغبته فى تقليص التدخل الأمريكى فى النزاعات التى يرى أنها لا ترتبط مباشرة بالمصالح الأمريكية. مثلاً، فى عام ٢٠١٩، أمر بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، ما ترك المنطقة عرضة لقوى أخرى وأثار قلق حلفاء الولايات المتحدة.
ربما يستمر فى نفس النهج، بالاعتماد على العمليات المستهدفة بدلاً من الانتشار الكبير. وهذا يتطلب من دول المنطقة ضرورة تعزيز قدراتها الدفاعية وربما تشكيل تحالفات إقليمية جديدة لإدارة الأمن بشكل مستقل. وقد يشجع انخفاض التواجد الأمريكى أيضًا على تدخلات أوسع من قوى أخرى مثل روسيا والصين.
أخيرًا ربما يكون موقف ترامب فى الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى هو مصدر القلق الكبير، فقد اتسمت سياسات ترامب فى هذا الصراع بميل واضح لصالح إسرائيل، واتخذ إجراءات لم يجرؤ رئيس أمريكى قبله على اتخاذها، حيث نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. وقد قوبلت خطته برفض واسع من الفلسطينيين، وبعض القوى العربية، ومنها مصر التى سطرت ملحمة كبرى فى الأمم المتحدة اعتراضًا على هذا الأمر، الذين رأوا فيها انحيازًا كاملاً لإسرائيل، وتجاهلاً للموقف العربى الذى يدعم بكل قوة فكرة حل الدولتين، وهو ما كان يهمله ترامب تمامًا فى خطته القائمة على إلغاء فكرة حل الدولتين، بل كان يقترح عاصمة للدولة الفلسطينية فى أجزاء من القدس الشرقية، وأن تكون أراضيها متّصلة بفضل شبكة نقل حديثة وفعالة، بما فى ذلك قطار يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
بعض الدراسات والخبراء أشاروا إلى أن السلطة الإسرائيلية قد تستجيب قليلاً لترامب. ولكن هل ترامب عازم على إحداث تغيير فى القضية؟
الأمر أيضًا متروك للأيام، وللمحدد الأساسى لتحركات ترامب، وهو أن مصلحة أمريكا أولاً.