توقيت القاهرة المحلي 18:05:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

احتفالنا بعيد شم النسيم هو عادة عمرها آلاف السنين، لكن مثل أشياء كثيرة فى حياتنا، تتحول المناسبة دائما إلى موضوع للجدل والاختلاف بين مؤيد ومعارض حتى التحريم، وكأن جرابنا خاوٍ من المشاكل. ويتجدد الجدل سنويا عن مدى شرعية احتفال المسلمين بهذه المناسبة.

منذ خمسة آلاف سنة يحتفل المصريون كلهم بعيد شم النسيم، يحتفلون به من قبل الأديان، ليس هذا فقط، بل كان هذا العيد سببا فى تقريب أو لنقل «تمصير» بعض ملامح الأديان، حتى تعيش وتزدهر وتنتشر فى مصر. وسبب أن عيد شم النسيم يأتى فى اليوم التالى لعيد القيامة دليل على ما أقصد.

عيد شم النسيم عرفه قدماء المصريين مع بداية ما نعرفه عن تاريخنا، مع بداية عصر الأسرات. ونحتفل به حاليا يوم الإثنين التالى مباشرة لعيد القيامة المجيد، طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك فى شهر «برمودة» من كل عام.

بعد انتشار المسيحية فى مصر حتى غطتها بالكامل فى القرن الرابع الميلادى، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد المصرى (شم النسيم)، إذ إنه كان يقع دائما داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد. وفترة الصوم تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم)، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات. لذلك رأى المصريون وقتها تأجيل الاحتفال بهذا العيد إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، والذى يأتى دائما يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الإثنين التالى له.

وترجع تسمية «شم النسيم» بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية «شمو»، وهى كلمة هيروغليفية قديمة تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة. واستمر الاحتفال بهذا العيد تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التى لم يطرأ عليها تغيير. وعندما دخل الإسلام إلى مصر منذ نحو ١٤٠٠ سنة، أصبح المصريون جميعا، مسلمين ومسيحيبن، يحتفلون بذلك العيد المصرى بعد أن يحتفلوا جميعا بعيد القيامة، وذلك فى ظاهرة حضارية تدل على تسامح سكان هذا الوطن، لكن يبدو أن مساحة التسامح تقلصت كثيرا مع توغل أفكار واردة إلينا يصطبغ بعضها بلون التطرف والتحجر. ورغم ذلك هناك بعض الظواهر الإيجابية، وكثير من المقاومة المجتمعية أو المؤسسية، ومنها على سبيل المثال فتوى دار الإفتاء التى ردت على ادعاءات حرمانية الاحتفال بشم النسيم بأنه «عادة مصرية أصيلة ومُناسبة اجتماعية لا تُخالف الشريعة الإسلامية، ولا ترتبط بأى مُعتقد ينافى الثوابت الإسلامية»، وأنه شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان، فقد كان معروفًا عند الأمُم القديمة بأسماء مختلفة، لكن رغم إيجابية الفتوى إلا أننى لا أتمنى أن يكون الموضوع محل جدل فى الأساس. لنعتبر شم النسيم دعوة للحياة، محاولة للمتعة، لنسيان الضغوط. لا يجب أن نعقّد الحياة، نعانى ما يكفى، ولو نظرنا حولنا لما يحدث لاكتشفنا أن إضاعة الأيام فى توتر وقلق وجدل غير مجدٍ هو خسارة أكيدة. لنواجه ضغوط الحياة ونحن نعيشها، ونتعايش معها، ليس استسلاما ولكن إرادة تجمع بين استمرارنا فى محاولة حل أزماتنا ونحن نعيش الحياة ونستمتع بها فى ذات الوقت. لا داعى لإفساد المُبهج الباقى فى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة



GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 06:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 06:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 17:46 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon