توقيت القاهرة المحلي 17:55:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

احتفالنا بعيد شم النسيم هو عادة عمرها آلاف السنين، لكن مثل أشياء كثيرة فى حياتنا، تتحول المناسبة دائما إلى موضوع للجدل والاختلاف بين مؤيد ومعارض حتى التحريم، وكأن جرابنا خاوٍ من المشاكل. ويتجدد الجدل سنويا عن مدى شرعية احتفال المسلمين بهذه المناسبة.

منذ خمسة آلاف سنة يحتفل المصريون كلهم بعيد شم النسيم، يحتفلون به من قبل الأديان، ليس هذا فقط، بل كان هذا العيد سببا فى تقريب أو لنقل «تمصير» بعض ملامح الأديان، حتى تعيش وتزدهر وتنتشر فى مصر. وسبب أن عيد شم النسيم يأتى فى اليوم التالى لعيد القيامة دليل على ما أقصد.

عيد شم النسيم عرفه قدماء المصريين مع بداية ما نعرفه عن تاريخنا، مع بداية عصر الأسرات. ونحتفل به حاليا يوم الإثنين التالى مباشرة لعيد القيامة المجيد، طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك فى شهر «برمودة» من كل عام.

بعد انتشار المسيحية فى مصر حتى غطتها بالكامل فى القرن الرابع الميلادى، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد المصرى (شم النسيم)، إذ إنه كان يقع دائما داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد. وفترة الصوم تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم)، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات. لذلك رأى المصريون وقتها تأجيل الاحتفال بهذا العيد إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، والذى يأتى دائما يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الإثنين التالى له.

وترجع تسمية «شم النسيم» بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية «شمو»، وهى كلمة هيروغليفية قديمة تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة. واستمر الاحتفال بهذا العيد تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التى لم يطرأ عليها تغيير. وعندما دخل الإسلام إلى مصر منذ نحو ١٤٠٠ سنة، أصبح المصريون جميعا، مسلمين ومسيحيبن، يحتفلون بذلك العيد المصرى بعد أن يحتفلوا جميعا بعيد القيامة، وذلك فى ظاهرة حضارية تدل على تسامح سكان هذا الوطن، لكن يبدو أن مساحة التسامح تقلصت كثيرا مع توغل أفكار واردة إلينا يصطبغ بعضها بلون التطرف والتحجر. ورغم ذلك هناك بعض الظواهر الإيجابية، وكثير من المقاومة المجتمعية أو المؤسسية، ومنها على سبيل المثال فتوى دار الإفتاء التى ردت على ادعاءات حرمانية الاحتفال بشم النسيم بأنه «عادة مصرية أصيلة ومُناسبة اجتماعية لا تُخالف الشريعة الإسلامية، ولا ترتبط بأى مُعتقد ينافى الثوابت الإسلامية»، وأنه شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان، فقد كان معروفًا عند الأمُم القديمة بأسماء مختلفة، لكن رغم إيجابية الفتوى إلا أننى لا أتمنى أن يكون الموضوع محل جدل فى الأساس. لنعتبر شم النسيم دعوة للحياة، محاولة للمتعة، لنسيان الضغوط. لا يجب أن نعقّد الحياة، نعانى ما يكفى، ولو نظرنا حولنا لما يحدث لاكتشفنا أن إضاعة الأيام فى توتر وقلق وجدل غير مجدٍ هو خسارة أكيدة. لنواجه ضغوط الحياة ونحن نعيشها، ونتعايش معها، ليس استسلاما ولكن إرادة تجمع بين استمرارنا فى محاولة حل أزماتنا ونحن نعيش الحياة ونستمتع بها فى ذات الوقت. لا داعى لإفساد المُبهج الباقى فى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 10:03 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الفاصوليا البيضاء

GMT 04:45 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الأمن المصري يكشف حقيقة اختطاف فتاة في منطقة "المعادي"

GMT 10:07 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الصحة: تسجيل 106 إصابات جديدة بـ كورونا و12 وفاة

GMT 11:56 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

7 أشكال غريبة لرفوف الكتب تعرفي عليها

GMT 17:04 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مستشار الرئاسة التركية ياسين أقطاي يوجه رسالة إلى مصر

GMT 08:00 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سيات أتيكا 2020 في مصر رسميًا

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

داليا مصطفى تتعرَّض لعملية نصب وتُحذِّر الفنانين

GMT 08:30 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

تصميمات "الفيونكة" تزيّن مجوهرات العروس في 2019

GMT 17:44 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

بلاغ ضد هالة صدقي بسبب فيديو "حثالة المجتمع"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon