توقيت القاهرة المحلي 10:34:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

  مصر اليوم -

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

احتفالنا بعيد شم النسيم هو عادة عمرها آلاف السنين، لكن مثل أشياء كثيرة فى حياتنا، تتحول المناسبة دائما إلى موضوع للجدل والاختلاف بين مؤيد ومعارض حتى التحريم، وكأن جرابنا خاوٍ من المشاكل. ويتجدد الجدل سنويا عن مدى شرعية احتفال المسلمين بهذه المناسبة.

منذ خمسة آلاف سنة يحتفل المصريون كلهم بعيد شم النسيم، يحتفلون به من قبل الأديان، ليس هذا فقط، بل كان هذا العيد سببا فى تقريب أو لنقل «تمصير» بعض ملامح الأديان، حتى تعيش وتزدهر وتنتشر فى مصر. وسبب أن عيد شم النسيم يأتى فى اليوم التالى لعيد القيامة دليل على ما أقصد.

عيد شم النسيم عرفه قدماء المصريين مع بداية ما نعرفه عن تاريخنا، مع بداية عصر الأسرات. ونحتفل به حاليا يوم الإثنين التالى مباشرة لعيد القيامة المجيد، طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك فى شهر «برمودة» من كل عام.

بعد انتشار المسيحية فى مصر حتى غطتها بالكامل فى القرن الرابع الميلادى، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد المصرى (شم النسيم)، إذ إنه كان يقع دائما داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد. وفترة الصوم تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم)، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات. لذلك رأى المصريون وقتها تأجيل الاحتفال بهذا العيد إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، والذى يأتى دائما يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الإثنين التالى له.

وترجع تسمية «شم النسيم» بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية «شمو»، وهى كلمة هيروغليفية قديمة تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة. واستمر الاحتفال بهذا العيد تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التى لم يطرأ عليها تغيير. وعندما دخل الإسلام إلى مصر منذ نحو ١٤٠٠ سنة، أصبح المصريون جميعا، مسلمين ومسيحيبن، يحتفلون بذلك العيد المصرى بعد أن يحتفلوا جميعا بعيد القيامة، وذلك فى ظاهرة حضارية تدل على تسامح سكان هذا الوطن، لكن يبدو أن مساحة التسامح تقلصت كثيرا مع توغل أفكار واردة إلينا يصطبغ بعضها بلون التطرف والتحجر. ورغم ذلك هناك بعض الظواهر الإيجابية، وكثير من المقاومة المجتمعية أو المؤسسية، ومنها على سبيل المثال فتوى دار الإفتاء التى ردت على ادعاءات حرمانية الاحتفال بشم النسيم بأنه «عادة مصرية أصيلة ومُناسبة اجتماعية لا تُخالف الشريعة الإسلامية، ولا ترتبط بأى مُعتقد ينافى الثوابت الإسلامية»، وأنه شأن إنسانى اجتماعى لا علاقة له بالأديان، فقد كان معروفًا عند الأمُم القديمة بأسماء مختلفة، لكن رغم إيجابية الفتوى إلا أننى لا أتمنى أن يكون الموضوع محل جدل فى الأساس. لنعتبر شم النسيم دعوة للحياة، محاولة للمتعة، لنسيان الضغوط. لا يجب أن نعقّد الحياة، نعانى ما يكفى، ولو نظرنا حولنا لما يحدث لاكتشفنا أن إضاعة الأيام فى توتر وقلق وجدل غير مجدٍ هو خسارة أكيدة. لنواجه ضغوط الحياة ونحن نعيشها، ونتعايش معها، ليس استسلاما ولكن إرادة تجمع بين استمرارنا فى محاولة حل أزماتنا ونحن نعيش الحياة ونستمتع بها فى ذات الوقت. لا داعى لإفساد المُبهج الباقى فى الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة لتكن دعوة للاستمتاع بالحياة



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon