بقلم - عبد اللطيف المناوي
القاعدة الميكافيلية الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة» لم تتقيد بشروط، إذ أباحت فعل كل شىء من أجل الوصول إلى الهدف.
والهدف فى الساحة الرياضية خلال الأعوام الماضية كان الرغبة فى الهدوء والاستقرار، وتراجع حالة التراشق والأزمات بين الجهات المسؤولة من جهة، والأندية والعاملين فى القطاع من جهة أخرى، هذا من جانب، ومن جانب آخر بين الأهلى والزمالك، وهى الأزمة التى شغلت الرأى العام لفترات متعددة. ووصلت إلى درجة الانفجار غير المحسوب أكثر من مرة.
إن تراجع حالة التسخين الحادثة فى الساحة الرياضية مسألة مهمة، وما رأيناه مؤخرًا من حالة هدوء فى الأجواء بين القطبين الرئيسيين (الأهلى والزمالك) مسألة إيجابية للغاية، وذلك بعد إجراء الانتخابات فى نادى الزمالك، والتى أتت بمجلس منتخب متوافق عليه، وابتعاد الدعاوى القضائية عن تأثيرها فى استقرار النادى.
فقد كانت الأوضاع فى السابق لا تُحتمل بحق، حتى إن مصافحة فريق مهزوم لفريق فائز صارت خبرًا يُحتفى به. وهذا ما حدث فى مباراة سوبر الطائرة للسيدات بين الأهلى والزمالك، والتى فاز فيها الفريق الأحمر باللقب. هل تخيلتم أن مجرد فعل رياضى منطقى عادى صار حدثًا مهمًا؟ هل تخيلتم ما كُنا فيه؟
أما الآن فقد أبدو متناقضًا فيما سأطرح، خصوصًا القاعدة الميكافيلية التى تنادى بأن الغاية تبرر الوسيلة، فأزعم هنا أن الغايات قد لا تبرر الوسائل، خصوصًا بعد تغير الزمان وتغير الأشخاص. فمجلس النادى الكبير ارتكب إجراءً شبيهًا بما كان يُتخذ فى السابق، فقد قام النادى بشطب رئيس النادى السابق، ومثلما كُنا نسمى هذا الإجراء فى عهد رئيس النادى السابق سلوكًا اجتماعيًا مريضًا، وكنت من أشد المنتقدين له، ها هو المجلس الحالى يرتكب نفس السلوك ويشطبه.
لقد هاجمت بقوة قرارات رئيس النادى السابق، بل كانت له هجمات علىَّ أنا شخصيًا من خلال اتصالات هاتفية، لكن هذا ليس مبررًا لأرى أن ما حدث الآن سلوك صحى وطبيعى.
أظن أننا بحاجة ماسة للنظر من جديد إلى ما حدث باعتباره مشكلة اجتماعية خطيرة، تؤسس لقاعدة الغاية تبرر الوسيلة، بدون تقييد، وبتكرار مدهش لأخطاء الماضى، أو ما نعتقد بقيمنا ومنطقنا أنه خطأ، ومن ثم الوصول إلى طريق لمحاولة إصلاحه. وقد كتب الزميل عبدالمحسن سلامة مقالًا فى «الأهرام» يحمل تلك الفكرة، وقد تمنى «سلامة» فى مقاله أن يترفع المسؤول الحالى ومجلس إدارته عن هذا الخطأ، ويقدم النموذج والقدوة فى هذا المجال، ويرفض ضغوط من سماهم «أصحاب المصالح»، ويتصدى بكل قوة لتلك الظواهر الغريبة، التى لا تكرس إلا طريقة واحدة فى الخلاف، وهى الإقصاء.
إن كانت هناك أسباب قانونية للوسائل المتبعة مؤخرًا فى النادى الكبير، فالطريق الوحيد هو الإجراءات القانونية. أما السلوك الذى يحمل مشاعر عشوائية غاضبة منتقمة، وإن كنا نفهمها جيدًا، فلا نتفهمها، فسلوك من يقود يجب أن يكون أسوة حسنة للأتباع.