بقلم - عبد اللطيف المناوي
هناك مَثل شعبى يعبر عن سلوكٍ متدنٍ لبعض البشر، وهو: «إن وقع بيت أبوك.. خُدلك منه قالب». لم أكن أتخيل أن أستخدم هذا المثل الذى يعبر عن وضاعة التصرف والانتهازية.. ولكن عندما تابعت الفضيحة السياسية التى يتعرض لها «حزب المحافظين» الحاكم فى بريطانيا حتى الآن، بعد اكتشاف دخول عدد من نواب الحزب بالبرلمان فى رهان على موعد الانتخابات البرلمانية، التى يبدو فى حكم المؤكد أن حزبهم سيخسرها، لم أجد أى غضاضة فى استخدامه.
خلال الأسبوع الماضى، ظهرت القضية فى وسائل الإعلام بعدما كشفت صحيفة «ذا جارديان» عن أن الرهانات التى وضعها كريج ويليامز- وهو أقرب مساعد برلمانى لرئيس الوزراء البريطانى، ريشى سوناك- كانت موضع تحقيق من قبل هيئة المقامرة على أن الانتخابات ستجرى فى يوليو، قبل ثلاثة أيام من الدعوة إليها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن جميع أشكال المراهنات السياسية مسموح بها فى المملكة المتحدة، ولكنها تعتبر جريمة جنائية بالنسبة لأولئك الذين يمارسونها مع حيازتهم معلومات سرية لا يعرفها أحد.
هذه الفضيحة سببت أزمة جديدة لـ«حزب المحافظين» فى الانتخابات البريطانية، والذى يبدو من استطلاع للرأى أجرته صحيفة «تليجراف» أنه سيخسرها، حيث عبّر حوالى ٦٠٪ من المستطلعين عن عدم رضاهم عن تعامل سوناك مع الفضيحة، فيما عبّر ١٦٪ فقط عن رضاهم!
وتضيف استطلاعات أخرى أن الحزب يعانى من وضع صعب بمواجهة غريمه الرئيسى «حزب العمال»، حيث قالت صحيفة «صنداى تايمز» إن هيئة المقامرة أبلغت كبير مسؤولى البيانات فى حزب المحافظين، نيك ميسون، بأنه جزء من تحقيقها، وبذلك يكون الشخصية الرابعة من الحزب التى تخضع للتحقيق.
ميسون وضع عشرات الرهانات خلال فترة غير محددة عن موعد الانتخابات قبل أن يعلن رئيس الوزراء البريطانى، ريشى سوناك، أنها ستجرى فى ٤ يوليو القادم، ورغم أن قيمة الرهان الواحد كانت أقل من ١٠٠ جنيه إسترلينى، إلا أن مجمل المكاسب كان سيصل إلى آلاف الجنيهات.
بعض الشخصيات السياسية شبهت ما يحدث بفضيحة بارتى جيت، التى لاحقت بوريس جونسون، رئيس حكومة بريطانيا السابق، أثناء جائحة كورونا، عندما خرق أعضاء الحكومة تعليمات وزارة الصحة بشأن قواعد السلامة والتجمع.
الفضيحة المكتملة أن عددًا من أعضاء «حزب المحافظين» المرشحين فى الانتخابات راهنوا بشكل غير قانونى على موعد الانتخابات البريطانية، قبل أن يعلن عنها سوناك فى ٢٢ مايو، وتجرى الشرطة وهيئة المقامرة تحقيقات مع العديد من المرشحين والمسؤولين للاشتباه فى أنهم استغلوا قربهم من سوناك للمراهنة على الموعد الذى سيحدده للانتخابات العامة.
وحاول «حزب المحافظين» الحاكم التخفيف من أثر الفضيحة بسحب دعمه لمرشحين اثنين متهمين بالقضية، ليضافا إلى نواب آخرين اكتشفوا انهم سيفقدون مقاعدهم، وأن الحزب سوف يتراجع، فسارعوا بمحاولة تحقيق أى مكاسب وخطف بعض الأحجار من الحزب المنهار، عملًا بالمثل الشعبى «إن وقع بيت أبوك.. خد لك منه قالب».