بقلم - عبد اللطيف المناوي
فوجئت بمنشور للكاتب الصحفى أيمن الحكيم على مواقع التواصل الاجتماعى يحكى فيه ما حدث له بعد أن كتب نصًا مسرحيًا عن حياة صلاح جاهين، حيث بدأ الحكيم منشوره بعنوان «اعتذار لصلاح جاهين»، وفى متن المنشور قال:
«كنت فرحان من نفسى إنى قدرت أكتب نص مسرحى يليق بالعبقرى صلاح جاهين.. فكرة جديدة على المسرح الغنائى الاستعراضى.. وزادت الفرحة لما النص قرأه بهاء جاهين.. وقرأته سامية جاهين.. وقالوا فيه كلام جميل أحتفظ به لنفسى.. وزادت الفرحة كمان لما تحمس صديقنا العزيز د. خالد منتصر للمشروع وكتب بوست لدعمه، ووصلت الفرحة لمنتهاها لما المخرج المبدع خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافى تبنى الفكرة وكلم المسؤولين فى قطاع الفنون الشعبية لإنتاج العرض».
ويتساءل أيمن: «لغاية كده كله تمام.. طيب إيه اللى حصل بعد كده؟»، وهنا بدأت المأساة، والكلام التالى للحكيم: «قرر السادة الموظفون فى القطاع اغتيال صلاح جاهين.. وطوال شهور مضت ومخرج العرض الصديق هانى عبدالهادى (رايح جاى) على القطاع علشان يخلص الإجراءات والتصاريح والميزانية.. وبعد مماطلات وتسويفات قالوا له أخيرا: الميزانية لازم تنزل للنص.. بما يعنى إن مفيش مسرحية.. قال لى هانى بأسى: لو خفضت الميزانية اللى أنا عاملها للنص ده معناه إنى فاسد أو جاهل.. ثم إنهم أنتجوا عروض زيه قبل كده بضعف الميزانية.. وسألنى: طيب نعمل إيه؟، قلت فورًا: نعتذر لصلاح جاهين اللى مش عارفين قيمته فى بلده ونطلع على هيئة الترفيه.. وفى السكة نقرا الفاتحة على روح المسرح المصرى».
إلى هنا انتهى كلام أيمن، الذى هو فى الحقيقة تكرر محتواه- بأشكال مختلفة- مع رموز فنية مصرية عديدة، تأبى الجهات الثقافية والفنية المختصة أن تقوم بدورها لتذكير الأجيال الجديدة بها، أو بتكريمها التكريم اللائق لها.
الغريب أن يحدث هذا الموضوع فى وقت نتحدث فيه عن قوة مصر الناعمة، والتى هى صلب صورة مصر فى الخارج، فى وقت نرى جهات ودول أخرى تلجأ إلى رصيدنا الفنى والثقافى لإحيائه وتكريمه.
لقد ناقشت فى أكثر من مقال مسألة القوة الناعمة فى مصر، وهنا أجدد مرة أخرى النقاش، فمصر لديها من الموروث الفنى والثقافى ما لا تستطيع بلد فى العالم أن تجاريه، ولكننا دائمًا نهمل فى تكريم رموزنا، أعلم أن الأمر غير مقصود، وأعلم أن المتسبب قد يكون موظفًا أو طريقة عمل ما، تجعل مسألة كبرى كتلك فى يد من لا يعرف صلاح جاهين، فيتخذ قرارًا كهذا، لينال إشادة من رؤسائه ويزيح عن رأسهم (وجع دماغ) إنتاج عمل فنى لرمز مصرى.
وهنا أكرر أيضًا أن لا مانع مطلقًا من أن تستفيد بعض دول المنطقة من رموزنا، فالفنانون المصريون ليسوا ملك مصر وحدها، بل ملك وطن كبير اسمه الوطن العربى، وأعتقد أن رموزنا ومنهم صلاح جاهين كانوا يدركون ذلك ويفضلونه، لكن الغريب أن تكون اللامبالاة فى تكريمهم من وطنهم، ولهذا أقول وبنبرة أسى: «إحنا آسفين يا صلاح».