بقلم - عبد اللطيف المناوي
أصبحت كلمة «ويكيليكس» تحمل معنى تسريب المعلومات الخفية. وقد اكتسبت الكلمة معناها من ارتباطها بمفهوم (كشف المستور) من معلومات تحرص دول وحكومات على سريتها.
ارتبط اسم «ويكليكس» باسم مؤسسها جوليان أسانج، الذى كان حديث العالم لسنوات، وعاد إلى الظهور أمس مع إعلان خروجه من السجن فى بريطانيا بعد معركة قانونية طويلة.
فى عام ٢٠٠٦، أسس أسانج موقع «ويكيليكس»، الذى يهتم بنشر الوثائق والصور، والذى تصدر عناوين الصحف فى أنحاء العالم فى أبريل ٢٠١٠، حينما نشر لقطات فيديو تظهر جنودا أمريكيين وهم يطلقون النار من مروحية على مدنيين عراقيين ويقتلون ١٨ منهم فى العاصمة العراقية بغداد.
ويعد أسانج فى نظر أنصاره أحد الباحثين المناضلين بقوة من أجل الوصول للحقيقة، لكنه فى نظر منتقديه شخص باحث عن الشهرة، عرّض حياة كثيرين للخطر، من خلال نشره كمًّا هائلا من المعلومات الحساسة.
ونشر الأسترالى أسانج ما يقرب من نصف مليون وثيقة تتعلق بحربى الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان، حيث فضح سوء سلوك الجيش الأمريكى، وابتكر ما يُطلق عليه «صندوق رسائل ميتة» على الإنترنت، لمن يريد أن ينشر تسريبات.
استمر موقع «ويكيليكس» فى نشر كميات جديدة من الوثائق، من بينها خمسة ملايين رسالة بريد إلكترونى سرية من شركة الاستخبارات «ستراتفور» ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الموقع وجد نفسه يناضل من أجل البقاء فى عام ٢٠١٠ عندما بدأ عدد من المؤسسات المالية الأمريكية بحجب التبرعات عنه، بسبب نشرها لهذه الوثائق السرية.
وفى وقت لاحق من العام نفسه اعتقلته بريطانيا بعد أن دخلت السويد على الخط، وأصدرت مذكرة اعتقال دولية بحقه بسبب اتهامه بالاعتداء الجنسي، حينها لجأ أسانج إلى سفارة الإكوادور بلندن، حيث مكث هناك بعد أن منحته حق اللجوء السياسى فى ١٦ أغسطس عام ٢٠١٢. وظل أسانج فى السفارة إلى أن ألغت الإكوادور الحماية التى وفرتها له، فتم إلقاء القبض عليه فى ١١ إبريل ٢٠١٩ داخل السفارة، واحتُجز بتهمة (عدم تسليم نفسه إلى المحكمة).
ووجهت وزارة العدل الأمريكية ١٧ تهمة لأسانج فى مايو ٢٠١٩ بسبب انتهاكه قانون التجسس، وقالت إن المواد التى حصل عليها موقع «ويكيليكس» عرّض حياة الناس للخطر، بينما دافع فريق أسانج القانونى عما سربه، مؤكدًا أن الانتهاكات التى ارتكبتها القوات الأمريكية فى أفغانستان والعراق تخدم المصلحة العامة، وليس ضدها، كما أنها تخدم العدالة بعد ارتكاب حوادث لم يتم الإبلاغ عنها خلال الحرب فى أفغانستان، فى حين أظهرت ملفات مسربة عن حرب العراق مقتل ٦٦ ألف مدنى وتعذيب السجناء على أيدى القوات العراقية.
فى ١٧ يونيو ٢٠٢٢ وافقت بريطانيا على تسليم أسانج للولايات المتحدة الأمريكية، ليتم الإفراج عنه أمس، غادر سجن بلمارش فى بريطانيا ذا الحراسة المشددة صباح أمس الأول ٢٤ يونيو، بعد أن قضى هناك ١٩٠١ يوم فى إطار صفقة يعترف بذنبه ليتم منحه الإفراج. وتوجه إلى مطار ستانستيد حيث استقل طائرة وغادر بريطانيا إلى أستراليا.. وربما بهذا الإفراج يكتب الصحفى الاسترالى حلقة أخرى من حلقات إثارة الجدل فى العالم.