بقلم - عبد اللطيف المناوي
رغم استمرار الحديث عن الذكاء الاصطناعى وحالة الاستعداد التى يبدو أنها تشغل الجميع، والحضور الملحوظ لأهمية الدفع لإخراج الاقتصاد العالمى من أزمته، وبالتالى اقتصاد الأغنياء والفقراء، فإن شبح مخاطر الحرب يسيطر على الأجواء. ولعل دكتور مصطفى مدبولى، فى كلمته الأخيرة فى مشاركته فى جلسة حوارية حول غزة، قد استحضر أجواء الرعب التى يمكن أن تمر بها المنطقة، وبالتالى العالم، عندما أشار إلى حالة القلق، بل الرعب، التى سادت أثناء وبعد هجوم إيران بالصواريخ والمسيرات أخيرًا منذ اندلاع الحرب، التى لن يستطيع أحد أن يتحكم فى حدودها، والتى قد تصل إلى حرب عالمية جديدة، على الأقل حرب إقليمية كبيرة. وقتها، لن يكون الحديث عن الاقتصاد والمستقبل ذا قيمة. لذلك كان الوضع فى غزة- سواء من الزاوية الإنسانية بسبب المأساة التى يعانى منها أهل غزة أو مخاطر الهجوم الإسرائيلى، الذى يقف كسيف مُشهر على رفح، أو اندلاع حرب إقليمية- حاضرًا.
تصدّرت إذًا الحرب فى غزة ومنسوب التوتر المرتفع فى الشرق الأوسط الاهتمام والنقاش فى هذا الاجتماع الخاص فى هذا المنتدى الذى دام يومين. وكان حضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس محل اهتمام، مازال الرجل أحد مفاتيح الحل. قال، فى تعليق له، فى إحدى الجلسات، التى كانت غزة حاضرة فيها أيضًا: «إسرائيل دمرت ثلاثة أرباع القطاع، والوضع فى غزة مؤسف للغاية، وإذا اجتاحت إسرائيل رفح فستحدث أكبر كارثة فى تاريخ الشعب الفلسطينى، ولا بد من حل سياسى يجمع الضفة وغزة من خلال مؤتمر دولى للسلام، ولن نقبل بأى حال من الأحوال تهجير الفلسطينيين من الضفة أو غزة، ونطالب بوقف العدوان وإدخال الاحتياجات الأساسية للمواطنين فورًا». رغم أن ما قاله ليس بجديد، وسمعه العالم كله سنوات طويلة، فإن وقعه مختلف هذه المرة، والعيون تترقب من أين تأتى الضربة المفجرة للحرب القادمة.
بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، الذى يزور الرياض لاجتماعات لم تتوقف منذ أكتوبر الماضى، تحدث أمام المنتدى، وأكد مرة أخرى أهمية الحيلولة دون انتشار الصراع وأهمية الاستمرار فى بذل الجهود الجارية لتحقيق السلام والأمن الدائمين فى المنطقة، بما فى ذلك من خلال المضى قدمًا نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل. وأكد، كالعادة، أنه مع تفهمه المشاعر المتعاطفة مع الوضع فى غزة، فإن التأكيد على إدانة وضمان عدم تكرار ما حدث فى السابع من أكتوبر مهم للنجاح فى كل ذلك.
أرى أنه من المهم الإشارة إلى ما قاله الدكتور مصطفى مدبولى من أننا لا نسمى الوافدين إلينا «لاجئين»، فمصر تستضيف 9 ملايين شخص، وتحملنا تكلفتهم أكثر من 10 مليارات دولار سنويًّا. وأى اعتداء أو هجوم على ما يقرب من 1.5 مليون فلسطينى فى رفح سيمثل كارثة، وسيؤدى إلى نزوح ثانٍ، وقد يعنى هذا الضغط على مصر، والعبور إليها، ونحن إنسانيًّا مستعدون لذلك، لكن من الناحية السياسية سيقضى على القضية الفلسطينية، فكيف نتفق على إقامة دولة فلسطينية بدون شعب؟.