بقلم - عبد اللطيف المناوي
ما تشهده الجامعات الأمريكية من حراك طلابى رافض للحرب على غزة هو حدث جدير بالقراءة والتمعن، وأيضًا احترامه وتقديره دون ادعاء أى طرف أنه يحقق مكسبا خاصا أو يعطيه شرعية.
وما أقصده فى الملاحظة الأخيرة يأتى كرد على بعض الأصوات التى تدعى أن هذا الحراك هو دعم لحماس أو تغير فى الموقف العام منها. هذا الحراك منطلقه الرئيسى منطلق إنسانى يقف على قاعدة إدراك بأن إهمال العدالة مع الشعوب وازدواج المعايير يؤدى إلى تجاوزات تأبى أن تقبلها النفس البشرية، فما بالك بشباب مازالوا يمتلكون نفوسا متمردة ولكنها نقية.
استطاعت إسرائيل أن تزيل، ولو بشكل نسبى، أثر السابع من أكتوبر نتيجة همجية رد الفعل على تلك الأحداث. نهر الدم الذى مازال يجرى يثير الغضب العارم، وأكثر من %70 من النساء والأطفال شهداء المجزرة التى مازالت مستمرة كفيلة لأن يدرك أصحاب النفوس السوية أن الخطر الإيرانى على إسرائيل أقل جدية من عملية القتل المستمرة.
تتسع رقعة الحراك الطلابى الرافض للحرب فى غزة فى عدة جامعات أمريكية، المسؤولون الإسرائيليون غاضبون من هذا الحراك، ويصفونه بـ«المعادى للسامية» ويطالبون بـ«التصدى له». الولايات المتحدة تقمع «لأصوات التى تتحدث علنا ضد الممارسات الإسرائيلية» وفق ما يقوله الطلبة فى بياناتهم. الطلاب مصرون على مواصلة الاحتجاج حتى توافق الجامعات على الكشف عن أى استثمارات مالية قد تدعم الحرب فى غزة وسحبها، والعفو عن الطلاب الذين خضعوا لعقوبات بعد المشاركة فى الاحتجاجات.
رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو يقول إنه «يتعين بذل المزيد» للتصدى للاحتجاجات من قبل «المعادين للسامية» التى انتشرت فى الجامعات الأمريكية.
فى المقابل، شن السيناتور الأمريكى، بيرنى ساندرز، هجومًا على نتنياهو، مشددًا على ضرورة عدم الخلط بين «إدانة القتل» فى غزة و«معاداة السامية».
وخاطب ساندرز نتنياهو: «القول إن حكومتك قتلت 34 ألفا فى 6 أشهر ليس معاداة للسامية ولا مناصرة لحركة حماس».
حماس من جانبها اتهمت الإدارة الأمريكية بـ«انتهاك الحقوق الفردية للطلاب، وحقهم فى حرية التعبير»، بعد اعتقال العشرات من المتظاهرين «دون أدنى شعور بالخجل من القيمة الأخلاقية التى يمثلها هؤلاء الطلاب وأساتذة الجامعات».
الملاحظ أن الكثير من الطلاب الناشطين، هم من منظمات يهودية علمانية من أجل السلام، هذا التحدى اليهودى لما تقوم به إسرائيل فى قطاع غزة يضرب على وتر حساس داخل إسرائيل فيما يخص الصراع بين العلمانيين واليهود المتشددين والمتطرفين. وقد يعيد هذا الحراك الروح إلى حركة السلام داخل إسرائيل التى انكمشت تماما بعد السابع من أكتوبر.
هؤلاء الشباب هم من يملكون المستقبل وهم أقوى فئة فى المجتمع الأمريكى فى منطقة صنع القرار مستقبلًا. الأكيد أن قمع طلاب اليوم الذين هم قادة المستقبل سيؤدى إلى تكلفة سياسية كبيرة.
ومازال عديد من النقاط تحتاج إلى قراءة.