بقلم - عبد اللطيف المناوي
لا أعتبر ما سوف أقوله اليوم خروجًا من تلك الحالة المحيطة بنا، حرب فى غزة وشهداء يرتقون على مدار الساعة. اشتباكات متوالية واقتراب من الانقسام والتجزئة فى السودان. عدم استقرار فى ليبيا. ومعطيات اقتصادية وتكنولوجية عالمية تتغير بشكل أسرع من الخيال. فضلًا عن تحديات متزايدة من أجل الاستمرار فى الحياة، وهو أضعف الإيمان.
أحاول هنا أن أتحدث فى منطقة جديرة بالتوقف أمامها، وهى كيفية إدارة النفس والتحكم فى الانفعالات خلال هذا الوقت تحديدًا. وهى المنطقة التى أعتبرها أحد أهم دروس الحياة التى يخطئ من لا يتعلمها ولا يرويها للآخرين.
فإدارة النفس تؤدى حتمًا إلى النجاح، سواء فى العمل أو فى الحياة، ولنضرب مثلًا هنا، وهو أنه ليس كل مدير قائدًا بالضرورة، فالمدير القائد هو من يستطيع أن يدير نفسه، ليدير من حوله، وبالتالى يصبح كل فرد فى أفراد فريقه قادرًا على القيادة وإدارة نفسه، ومن هؤلاء يخرج دائمًا قادة المستقبل.
ولنضرب مثالًا آخر، فكم لاعب كرة قدم فى تاريخنا المصرى يمتاز بمهارة وسرعة وفن أكثر حتى من محمد صلاح، ولكنهم لم يستطيعوا الاستمرار فى الذاكرة، كان صعودهم وانطفاؤهم خاطفًا كالشهاب، فلم يتركوا علامة أو بصمة فى أذهاننا، والفارق هنا بينهم وبين لاعب كصلاح هو الذكاء فى إدارة النفس والانفعالات.
فالتفاعل مع الأحداث مطلوب بالطبع، لكن الانفعال بها وبالتالى اتخاذ قرارات انفعالية غير صائبة هو الضرر بعينه، وأعتقد أن ما يفعله رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى غزة هى تصرفات وقرارات شخص انفعل بشدة مما حدث فى السابع من أكتوبر، لتتجسد انفعالاته فى حرب إبادة للشعب الفلسطينى، وهى الانفعالات التى قابلها البعض بسلسلة من الانفعالات الأخرى. هنا لا أريد أن أكرر الحديث عن مضار المقاطعة كأحد القرارات الانفعالية على الحرب فى غزة، ولكنها بالتأكيد أحد الأمثلة.
ويحضرنى كذلك ما فعله أحد اللاعبين المصريين الكبار للغاية والموهوبين للغاية، والذى قذف بـ«تى شيرت» فريقه فى وجه مدربه فى منتصف رحلته الاحترافية التى انتهت تقريبًا بسبب هذا الانفعال.
أعلم أن الكلام سهل، وأن خوض التجارب هو الأشق، ولكنى أتحدث من واقع خبرة حياتية طويلة، كلفتنى فيها بعض القرارات الانفعالية الكثير، لكن من يخوض التجارب، فيُهزم فى مرة وينتصر فى الأخرى، غير مقبول أن تستمر هزائمه.
وأعتقد أن من أكبر أسباب أزماتنا الحالية هو تكرار الهزائم، وعدم التعلم من التجارب، أعتقد أن إحدى أكبر نتائج قلة عدد من يفهمون جيدًا معنى إدارة النفس والانفعالات هو ما وصلنا إليه فى الأمة العربية حاليًا.