بقلم - عبد اللطيف المناوي
منذ أيام أعلنت الهيئة المانحة لجوائز «نوبل» فوز الثنائى المجرية «كاتالين كاريكو» والأمريكى «درو وايزمان» بجائزة «نوبل» في الطب لعام 2023، لدورهما المهم في تطوير لقاحات كورونا.
وفى حيثيات فوز الثنائى بالجائزة، قالت اللجنة في بيانها إن اكتشافات «كاريكو ووايزمان» ساهمت في اعتماد لقاحين ضد الوباء، الأمر الذي أنقذ ملايين الأرواح حول العالم.
مع ظهور جائحة «الكوفيد» في 2019، اعتقد الكثيرون أن مسألة ظهور لقاح يستطيع أن يكون ذا فاعلية على الفيروس المنتشر صعبة للغاية، وقد ساهم في ذلك الإغلاق الكبير الذي عانت معه الاقتصادات الكبرى في العالم، وتقييد حركة التبادل العلمى، فضلًا عن استمرار الفيروس في حصد أرواح الآلاف، وقدرته على التطور والتحور لنسخ أخرى أشد وأقوى في الانتشار.
وكان الغريب عندما تبادر إلى أسماعنا حينها أن العلماء يحاولون تصنيع لقاحات ضد كورونا لا تعمل مثل اللقاحات التقليدية المتاحة منذ فترة طويلة، والتى تستند إلى فيروسات ميتة أو مضعفة طويلة الأمد، مثل لقاحات الدرن والحصبة والحمى الصفراء، والتى حصل بسببها «ماكس ثايلر» على جائزة «نوبل» في الطب في عام 1951، بل لقاحات تستند إلى مكونات فيروسية فردية، وذلك عن طريق تعديل في شفرات الأحماض النووية «m RNA»، وهو ما فعله الثنائى الفائز بالجائزة.
وقد وافقت منظمة الصحة العالمية على اللقاحين وهما «فايزر- بيونتك»، و«موديرنا»، وأنتجت منهما ملايين الجرعات، وبدأ انتشارهما في العالم كله، ووصل هذان اللقاحان إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، وساهما بنسبة كبيرة في الحد من أزمة الكوفيد.
وعلى تداعى الأحداث وكثرتها خلال تلك الفترة إلا أننى أتذكر جيدًا كيف تعامل البعض هنا في مصر مع اللقاحات، بل ظهرت العديد من الدعوات- للأسف تزعمها بعض الأطباء- إلى عدم جدوى تلك اللقاحات، بل ظن الكثيرون أنها مضرة بالإنسان، وكانت أكثر الشطحات ما قاله البعض بأن اللقاحات ما هي إلا دواء يساهم في قتل الإنسان!.
ولا أرى أن هناك فارقًا كبيرًا بين منطق هؤلاء ومنطق من كفروا العلماء في السابق وسجنوهم، أو من يحكمون بأن نهايتهم جهنم لأن دينهم ليس الإسلام، ولهؤلاء فقط أدعوهم أن يقارنوا بين من ساهموا بالعلم في بقائهم أحياء كمخترعى البنسلين أو اللقاحات السابقة أو لقاحات كورونا بأشخاص مثل الزرقاوى وبن لادن وكثير من الإرهابيين!.
كما لا أرى كذلك فارقًا بين هذا المنطق ومنطق من يسخر من البحث العلمى، ويقلل من أهميته، ولهذا أختم بجزء آخر من بيان لجنة «نوبل» وتحديدًا في قولها: إن اكتشافات «كاريكو ووايزمان» ساهمت في مواجهة واحد من أكبر التهديدات لصحة الإنسان في العصر الحديث.
ألا يكفى هذا الاعتراف لأن ننظر للعلم نظرة منصفة؟!.