بقلم - عبد اللطيف المناوي
خرج المنتخب المصرى من دور الـ16 لكأس الأمم الإفريقية المقامة فى كوت ديفوار، وهو أمر كان متوقعًا وطبيعيًا بسبب حال الكرة فى مصر، والتى كان أحد مشاهده المفزعة هو تعامل الجميع (منظومة وجماهير) مع أزمة إصابة محمد صلاح وما تبعها من نتائج.
فضلتُ الانتظار قبل التعليق على ما يحدث حتى تتضح الصورة ويبدو مستقبل التمثيل المصرى فى إفريقيا. وحدث ما حدث، وأتى وقت الحديث.
لقد أغفل كثيرٌ ممن هاجم صلاح حجم إصابته ومدى قدرته على اللحاق بالمباريات المتبقية فى البطولة، واعتبروه هاربًا من المسؤولية، بل صاروا يتحدثون عن ضرورة وجوده مع المنتخب فى كوت ديفوار (مصابًا) وعدم سفره إلى إنجلترا لاستكمال العلاج فى النادى، مثلما أعلن المدير الفنى لليفربول، الألمانى يورجن كلوب، حيث الإمكانيات المتوفرة هناك، والتى هى بالتأكيد أكثر تقدمًا من الإمكانيات المتوفرة فى البلد الإفريقى العزيز.
هناك فارق كبير بين تعاملنا كـ(منظومة) مع قيمة محمد صلاح وبين تعامل النادى الإنجليزى معه. لقد أصدر اتحاد الكرة هنا بيانًا قال فيه إن الأشعة التى خضع لها صلاح أثبتت إصابته وغيابه عن مباراتين فقط من بطولة الأمم الإفريقية، أما فى ليفربول فكان المدير الفنى للفريق أكثر دقة فى الحديث، فلم يتحدث عن فترة غياب محددة، وقد أبدى أمله فى التأهيل فى إنجلترا، واعتقاد أنه سيعود من جديد إلى المنتخب إذا ما استمر فى البطولة.. ليصدر بعدها الاتحاد بيانًا مفاجئًا يؤمن فيه على كلام كلوب، وكأنه انتظر كلام «الخواجة» ليكرره، باعتباره الأصح والأدق، رغم أن صلاح لم يكن قد سافر إلى إنجلترا بعد حتى يناظره الأطباء هناك.
كلام كثير صدر عن مسؤولين رياضيين وطبيين فى مصر، وكأنهم يتعاملون مع لاعب عادى، وليس لاعبا فى قيمة صلاح، أو حتى لاعبا فى المنتخب الوطنى. الأمر الذى ساهم فى (تسخين) الجماهير ضد صلاح، وكأنهم أعطوهم مفتاح الهجوم على اللاعب، باعتباره باع المنتخب فى مهمة وطنية، حتى إن الكثيرين من مقدمى البرامج الرياضية خصصوا فقرات فى برامجهم للهجوم على صلاح أو مطالبته بالبقاء فى كوت ديفوار لنهاية البطولة من أجل دعم المنتخب، وكأن الإصابة ليست محتاجة إلى علاج أو تأهيل!.
إدارة أزمة إصابة صلاح تتساوى مع إدارة أزمات كثيرة عانى منها القطاع الرياضى فى مصر خلال الفترة الأخيرة، بل تعانى منها قطاعات عديدة ومختلفة فى الدولة، بسبب عدم إدراك القيمة - أى قيمة.
ما أريد أن أقوله هنا، هو أن تحميل صلاح مسؤولية الإخفاق، أو مسؤولية ما سمّاه البعض «الهروب»، خطأ فادح، فبدلًا من أن تحمّلوه هو المسؤولية، حاسبوا المفسدين الذين تسببوا فى هذا الإخفاق أو هذا الخلط العجيب الذى بسببه صار صلاح متهمًا أول ووحيدًا.