بقلم - عبد اللطيف المناوي
كل الأطراف تطالب بوقف التصعيد وضبط النفس، وفى نفس الوقت كل الأطراف تنفخ فى نيران الصراع إلى الدرجة التى تنذر باشتعال كامل لن يتمكن أحد من السيطرة عليه.
كل طرف يؤكد أنه يمارس ضرباته فى إطار الدفاع عن النفس، وكل ضربة تدفع المنطقة خطوة جديدة نحو التأزم الكامل.
فجر أمس شن الجيشان الأمريكى والبريطانى ضربات جوية ضد أهداف متعددة للحوثيين فى اليمن، فيما يُمثل ردًا مهما بعد أن حذرت الولايات المتحدة وحلفاؤها، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، من أنها ستتحمل عواقب الهجمات المتكررة بالطائرات بدون طيار والصواريخ، على سفن الشحن التجارى فى البحر الأحمر، والتى يقول الحوثيون إنها انتقام ضد إسرائيل لحملتها العسكرية فى غزة.
يقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن المتجهة إلى إسرائيل، ولكن يصعب التأكيد أن الـ 27 هجوما التى شنوها ضد السفن المارة فى البحر الأحمر متجهة إلى إسرائيل. الأمر الآخر أن الحوثيين تسببوا بالفعل فى توجيه تهديدات حقيقية إلى أمن وسلامة وحرية الملاحة الدولية فى البحر الأحمر، الأمر الذى يعنى التأثير على كل الدول بدرجات متفاوتة، وتتأثر مصر تحديدا بدرجة ملحوظة؛ بسبب تأثر حركة المرور فى قناة السويس، التى هى الممر الرئيس بين آسيا وأوروبا.
وتأتى هذه الضربات بعد أن وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على قرار يدعو الحوثيين إلى «وقف هجماتهم الوقحة» فى الممر المائى الحيوى تجاريا. ورغم أن الولايات المتحدة نفذت ضربات ضد الجماعات المحسوبة على إيران فى العراق وسوريا منذ اندلاع الحرب فى غزة، إلا أن هذه تمثل أول ضربة معروفة ضد الحوثيين فى اليمن.
الحوثيون يدينون الهجمات عليهم، ويعتبرون أن لهم الحق فى توجيه هجمات ضد السفن وتهديد الملاحة العالمية، لكن لا أحد له الحق فى توجيه اللوم لهم، وأطراف متعددة فى المنطقة وفى العالم لم تتخذ مواقف واضحة تمنع الخطر المحدق بالمنطقة خرجت لانتقاد الهجوم الأمريكى البريطانى ضد الحوثيين واعتباره اعتداء على سيادة اليمن.
إيران تحاول جاهدة عدم الانخراط فى الصراع الدائر فى المنطقة، لكن فى نفس الوقت تسعى لدفع أذرعها فى المنطقة «للتحرش» المستمر بأطراف متعددة من الفاعلين فى الأزمة المتصاعدة فى المنطقة. أما الولايات المتحدة، التى رفعت الحظر عن جماعة الحوثيين، ومن تبعها فى الهجوم الأخير، بريطانيا، تتحدث عن أمن المنطقة وسلامة الملاحة واستقرار الأمن والسلام فى المنطقة، وتبرر هجومها تحت هذه العناوين، فى الوقت الذى لا تقوم فيه بدورها، الذى تستطيعه، فى وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، الذى هو أساس انهيار الأوضاع فى المنطقة، والذى إن توقف لكان ذلك خطوة مهمة لوقف التدهور الذى تشهده المنطقة.
الكل يتحدث عن ضبط النفس وهو ينفخ فى نار الصراع الذى يهدد كل المنطقة، حتى الآن على الأقل.