بقلم - عبد اللطيف المناوي
الجيل (زى) أو (z) هو جيل لا يعرف الحياة من دون التكنولوجيا، لم يعشها من دون تواصل شرقًا وغربًا. عرفها على حالتها الحالية، لم يعرف انتظار الصحف لمعرفة الأخبار، ولا انتظار موعد عرض المسلسل أو الفيلم. المتاح يستطيع أن يعرفه وبضغطة زر. كثيرون انتقدوا هذا الجيل وأفكاره وتوجهاته. البعض امتدحه. لكن الأصح من هذا وذاك أنه جيل له خصائص يتفرد بها، ومسألة التأثير فيه من الأجيال السابقة صعبة للغاية.
ولهذا مثلًا نجد أن (الحساب المفتوح)، الذى كانت تعطيه الإدارات الأمريكية السابقة لإسرائيل، بات مقيدًا بنظرة أخرى من الجيل (z)، الذى أظهر تحولًا جذريًّا فى رأيه حول سياسات إسرائيل، كما أظهر غضبًا شديدًا منهم تجاه الدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل، ما قد يؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية فى المستقبل.
وإن كنت قد استخلصت ذلك عبر قراءة المشهد من بعيد، إلا أن عددًا كبيرًا من استطلاعات الرأى التى أجرتها مؤسسات وجامعات أمريكية أكدته عن قرب.
ومن بين تلك الاستطلاعات، استطلاع أجرته جامعة «هارفارد»، ويؤكد تبرير العديد من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، هجوم السابع من أكتوبر بسبب الظلم الواقع على فلسطين. أما مجلة «بوليتيكو» فأظهر استطلاع بها أن 15% فقط من جيل (z) أبدوا تعاطفهم مع الإسرائيليين، مقارنة بـ40% من جيل الطفرة السكانية، وهو الجيل الذى وُلد أفراده بين عامى 1946 و1964.
فى حين يؤكد استطلاع مركز «بيو» أن ثلث البالغين تحت سن 30 يتعاطفون مع الفلسطينيين، مقارنة بـ14% فقط يتعاطفون مع الإسرائيليين، بينما أفاد استطلاع مؤسسة «بروكينجز» بأن 41% فقط من الأمريكيين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا، لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه إسرائيل، مقارنة بـ69% من الجيل الأكبر سنًّا.
وبعيدًا عن استطلاعات الرأى، فإن معركة منصة الـ«تيك توك»، التى جرت بين وسمين (هاشتاجين)، أحدهما داعم لفلسطين والآخر داعم لإسرائيل، أظهرت هى الأخرى تفوقًا كبيرًا للهاشتاج الداعم لفلسطين بـ31 مليار مشاركة، مقارنة بـ590 مليون مشاركة للهاشتاج الثانى، ما دفع الكونجرس الأمريكى إلى التصويت على حظر التطبيق فى أمريكا، وهو التطبيق الذى يمثل الجيل (z) غالبية مستخدميه.
لقد بدأت الأجيال الشابة فى أمريكا تتساءل عن سبب العلاقة غير المشروطة بين واشنطن وتل أبيب، والدعم اللامحدود الذى تعطيه الولايات المتحدة لإسرائيل، ولاسيما فى وقت الحرب على العراق وأفغانستان، مؤكدين أن الدعم الأمريكى العسكرى والمالى لإسرائيل لابد أن يُستثمر فى قضايا اقتصادية داخلية، ولاسيما أن الجيل (z)- كما تحدثت بعض التقارير- يعانى تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، وشحًّا فى فرص العمل، ما يدفعهم إلى أزمة وشيكة هم يرون أنفسهم فى غنى عنها.
أظن أن تأثير الجيل (z) فى نتيجة الانتخابات الأمريكية المقبلة سيكون كبيرًا، وأعتقد أن الجيل الحالى من الجمهوريين والديمقراطيين قد يُعيدون النظر فى دعمهم غير المشروط لإسرائيل، استجابة لضغط الجيل المقبل.