بقلم - عبد اللطيف المناوي
كان النقاش الذى شاركت فيه مؤخرًا على قناة العربية- الحدث يدور حول استقالة الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد أشتية، وتشكيل حكومة جديدة، وما إذا كان ذلك يعنى بداية لإصلاح السلطة. من بين ما توقفت عنده ما ذكرته مصادر فلسطينية أن مفاوضات تشكيل الحكومة سيستغرق حوالى أسبوعين.
وما أثار دهشتى أيضًا هو إصرار الضيف الفلسطينى المشارك فى الحوار على أن أى تعديل على السلطة يجب أن يكون من خلال إجراءات طبيعية لمجتمع مستقر يمارس الديمقراطية من خلال الذهاب إلى صناديق الانتخاب ليختار ممثليه. وأن على العالم أن يعمل من أجل تهيئة الأجواء لحدوث ذلك. للحظة بدأت مراجعة نفسى، عن أى حكومة ومجتمع نتحدث؟ فقد انتابنى الشك أنه قد يكون حديثنا عن تشكيل حكومة سويسرية جديدة لمواطنين يعيشون فى يسر ورغد!!
لم أستطع استيعاب أن المسؤولين عن هذا الشعب الذى ينزف كل دقيقة ويقدم آلاف الشهداء أياديهم تنعم فى مياه باردة، يأخذون وقتهم فى البحث والنقاش وتقسيم الحقائب الوزارية على الجماعات والميليشيات والمنظمات.
ولا بأس من الانتظار. وعندما يأتى الحديث عن إصلاح الوضع الفلسطينى وبدء حوار جدى سريع حاسم تسوده مصلحة الفلسطينيين فقط يبدأ الحديث الذى «بلا طعم» عن استقلالية القرار الفلسطينى وعدم السماح لأطراف خارجية بإملاء شروط أو التأثير على القرار الفلسطينى. ثم تأتى أنباء عن أن ممثلين عن حركتى فتح وحماس سيجتمعون فى موسكو، لبحث تشكيل حكومة وحدة فلسطينية وإعادة بناء غزة!!
المشكلة الكبيرة هنا تأتى من أولئك المتمترسين بمناصبهم والرافضين التخلى عن مقاعد الحكم والثروة والسيطرة حتى لو لم يتبقَ إلا خرائب وأشباه بشر. القيادات الفلسطينية جميعها من رأس السلطة حتى قادة الميليشيات والتنظيمات وكل أتباعهم عليهم أن يتوقفوا عن السعى لتحقيق انتصارات صغيرة وغنائم قليلة ومكاسب لا قيمة لها. بعد أن يفعلوا ذلك عليهم الوصول إلى صيغة لقيادة جديدة بعد الحوار المتخلص من المطامع الصغيرة ليكونوا قيادة جديدة تنقذ هذا الشعب أولًا من المأساة التى يعيشها قبل أن تقوده لإقامة دولته.
منع ما هو قادم يتطلب وحدة وطنية فلسطينية وإنهاء الانقسام وترتيب الوضع الداخلى الفلسطينى، وشروط الوصول إلى ذلك ذكرناها ويعرفها الصادقون من القيادات الفلسطينية. أما الأوليات فهى واضحة، وقف الحرب والتهجير، وإدخال المواد الطبية والإغاثية، وإنقاذ الشعب الفلسطينى فى غزة، وحماية المواطنين فى الضفة والقدس من جرائم المستوطنين وجيش الاحتلال الذى يعمل على تقطيع أواصر التواصل بين المدن والقرى الفلسطينية.
الأمر بحاجة لعملية سياسية تُفضى إلى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضى الضفة وغزة، وضمان حق العودة للاجئين. الفرصة قد تكون سانحة هذه المرة، ولكنها قد تكون الأخيرة. والإجابة على العنوان السؤال هى المدخل الحقيقى.