بقلم - عبد اللطيف المناوي
الخلاف «الأمريكى - الصينى» حول تطبيق «تيك توك» يمثل واحدة من أبرز النقاط التى شهدتها العلاقات بين البلدين فى السنوات الأخيرة.. ويرجع هذا الخلاف إلى عدة عوامل، بما فى ذلك التنافس الجيوسياسى بين البلدين، والمخاوف بشأن الأمن السيبرانى، وتطبيق السيطرة الرقمية..
«تيك توك»، التطبيق الذى انتشر بسرعة كبيرة عالميًا يثير قلق الحكومة الأمريكية، ما جعلها تلقى عليه اتهامات بالتجسس والتأثير على السلامة القومية. فى عام 2020، فرضت الولايات المتحدة عدة قيود على «تيك توك»، بزعم أنه يشكل تهديدًا للأمن القومى، وطلبت من شركة «بايت دانس» المالكة له بيع أصولها الأمريكية لشركة أمريكية أخرى.
وتطور الخلاف، أو المعركة بمعنى أدق، إلى أن أقر «مجلس النواب الأمريكى» مشروع قانون يرغم شركة «بايت دانس» على سحب استثماراتها من التطبيق خلال 6 أشهر، مهددًا بحظره فى الولايات المتحدة إذا لم تمتثل الشركة.
وحظى المشروع بدعم 352 مقابل معارضة 65 فقط، فى دلالة على التأييد الكبير له فى صفوف المشرّعين من الحزبين الديمقراطى والجمهورى، الذين يحذرون من خطره الكبير على أمن الولايات المتحدة القومى؛ لأنه يسمح للحكومة الصينية بـ«مراقبة الأمريكيين والتأثير عليهم».
وجاء التصويت، رغم كل المساعى الحثيثة التى بذلها «تيك توك»، لإقناع المشرعين بالتراجع عن قرارهم، فاجتمع المدير التنفيذى للتطبيق معهم قبل التصويت، كما شجع المستخدمين- وعددهم قرابة 170 مليون أمريكى؛ أى نحو نصف عدد السكان- على الاتصال بمكاتب أعضاء «الكونجرس» والإعراب لهم عن معارضتهم الشديدة للمشروع.. لكن كل هذه المساعى لم تؤدِّ إلى تغيير رأى الداعمين لوضع قيود على التطبيق، فقد أتت بعد محاولات متكررة منهم لفرض تعديلات عليه، بالتزامن مع تحذيرات متكررة من وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن النفوذ الصينى عليه، والخطر الذى يشكله ذلك على أمن الأمريكيين.
غير أن إقرار المشروع فى «مجلس النواب» لا يعنى أن مشواره سيكون سهلًا فى «مجلس الشيوخ»، فثمة عراقيل كثيرة قد تواجهه، بسبب حساسية تطبيقه وصعوبة تنفيذه. ويعتقد البعض أن هذا القانون ينتهك التعديل الأول من الدستور، وهو حق التعبير.. وهو ما جعل أحد أعضاء مجلس الشيوخ يقول: «أنا معارض له تمامًا. فى بلد حر لا يتم الاستيلاء على شركات الأشخاص».
ومن جهة أخرى، تعتبر الصين هذه الإجراءات تدخلًا غير مبرر فى شؤونها الداخلية وتنافسًا غير عادل فى مجال التكنولوجيا، مشيرة إلى أن تصرفات الولايات المتحدة ضد «تيك توك» تتعارض مع مبادئ الاقتصاد العالمى المفتوح وحرية التجارة.
هذا الخلاف يتجاوز مجرد قضية تطبيق إلكترونى، بل يعكس التوترات العميقة بين الولايات المتحدة والصين فى مجالات متعددة، بما فى ذلك التجارة، والتكنولوجيا، والأمن السيبرانى. ويترافق هذا الخلاف مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين البلدين، ما يثير مخاوف بشأن حدوث صراعات أكبر فى المستقبل.. حتمًا، سيؤثر بالسلب على العالم، وخصوصًا من الجانب الاقتصادى.