بقلم - عبد اللطيف المناوي
مَن نام قبل منتصف ليل أمس الأول السبت، واستيقظ صباح أمس، الأحد، تجنب شعورًا عظيمًا بالقلق على المنطقة، بل العالم كله، الذى بدا أنه يتجه نحو الانفجار.
مَن تابع تطورات الهجوم الإيرانى متعدد الوسائل والرسائل، ما بين طائرات ومسيرات وصواريخ، تجاوزت الثلاثمائة، والتى انطلقت من الأراضى الإيرانية نحو الداخل الإسرائيلى، لا شك فكر فى سيناريوهات انفجار حرب غير مأمونة العواقب، وغير معروفة الحدود.
ولكن مَن كان محظوظًا وخلد إلى النوم قبل إعلان إطلاق الصواريخ، ثم استيقظ بعد نهاية العملية ووصول أو سقوط كل ما كان طائرًا، فلن يفهم لماذا كان القلق.
من المبكر الحديث الدقيق عن نتائج الهجوم الإيرانى، ومَن استفاد ومَن خسر، ولكن المهم التوقف أمام بعض الملاحظات، بعضها قد يرقى إلى مستوى النتائج فيما بعد.
كان من المتوقَّع أن تردَّ إيران على اعتداء إسرائيل على قنصليتها فى دمشق، وذلك لأسباب عدة؛ أهمها تثبيت خطوط الردع بين الطرفين، وهى خطوط تجاوزتها إسرائيل باستهدافها مؤسسة دبلوماسية إيرانية، لتستعيد طهران بعض الهيبة التى «تمرمغت» خلال الفترة الماضية بعد تعرض مصالح وأهداف لها، بل قيادات أيضًا، لاستهداف واضح، دون أن ترد إيران مرة واحدة بشكل مباشر، ملقية بالمهمة لوكلائها بالمنطقة. وظلت تستخدم التعبير الشهير: «نحتفظ بحق الرد فى الوقت والمكان المناسبين».
الاعتداء على القنصلية الإيرانية هو سابقة لم تحدث فى الصراع (المنضبط) بين الطرفين، وهو الانضباط الذى حرصت إيران وأمريكا تحديدًا على الحفاظ عليه، بل مارست واشنطن دائمًا محاولات للحفاظ عليه بالضغط على نتنياهو حتى لا يتجاوز الخطوط الحمراء، كما حاولت واشنطن إقناع إيران بعدم الاندفاع إلى ردود فعل غير محكومة قد تؤدى إلى تفجير الوضع، وقد التزمت إيران، لكن إسرائيل لم تلتزم لأن مصلحة نتنياهو السياسية للاستمرار فى السلطة كانت دائمًا دافعًا له إلى اللعب بالنار، وهو ما حدث فى هجوم القنصلية.
من الصعب حسم الإجابة عن السؤال: هل كان الردّ الإيرانى متسقًا مع فكرة ضبط ميزان الرد، أم أنها تجاوزت خطًّا أحمر لم تتجاوزه من قبل، وهو ضرب إسرائيل بسلاح مُنطلق من إيران؟.
الأيام القادمة ستحسم الإجابة، وان كانت المقدمات تؤكد أنه رغم ما يبدو وكأنه تغير فى قواعد اللعبة، فإن الواقع سيفرض على الطرفين الحفاظ على القواعد الأساسية للعبة، مع حفاظ كل طرف على قيمته فى هذه اللعبة.
إيران تريد إرسال رسالة إلى إسرائيل بأنها قادرة على الرد، وفى أقرب نقطة لإسرائيل، مع تثبيت صورتها أمام أمريكا والمجتمع الدولى بأنها قوة إقليمية كبرى، فضلًا عن محاولة تجميل صورتها أمام شعبها وحلفائها ووكلائها فى المنطقة، أما إسرائيل فتدرس الرد، الذى من المتوقع أيضًا أن يكون وفقًا لقواعد اللعبة، ولكن لا ضمانات بأن نتنياهو لن يتصرف بحماقة، ولكن قطعًا، لا تريد إيران ولا إسرائيل الحرب الشاملة.