بقلم - عبد اللطيف المناوي
أطلق الرئيس الفلسطينى، محمود عباس حكومته الجديدة لتحل محل حكومته القديمة. شكلها متجاهلا موقف عديد من الفصائل الفلسطينية الرافض أو المتحفظ على الخطوة، ومنح الثقة للحكومة الجديدة بعد إصداره مرسوما باعتماد تشكيلتها، وأصدر قرارا بقانون يمنحها الثقة. ثم أخيرا أدى أعضاء الحكومة اليمين الدستورية أمامه. فكان أبو مازن فى أدوار الرئيس والفصائل والبرلمان؛ فى موقف نادر الحدوث.
رئيس الحكومة الجديدة محمد مصطفى، ليس عضوًا فى حركة «فتح»، لكنه مقرب من الرئيس عباس. وهو عضو مستقل فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وشغل عددًا من المناصب فى حكومات سابقة، إضافة إلى رئاسة صندوق الاستثمار الفلسطينى إحدى مؤسسات منظمة التحرير منذ عام 2015. واحتفظ مصطفى، فى هذه الحكومة أيضًا بمنصب وزير الخارجية.
غابت عن التشكيلة كل الأسماء القديمة التى سيطرت على الساحة السياسية فى الضفة الغربية لسنوات طويلة، باستثناء وزير الداخلية زياد هب الريح، المحسوب على حركة «فتح»، التى يتزعمها الرئيس عباس، والذى كان الوزير القديم الوحيد الذى احتفظ بمنصبه. وسبق أن شغل هب الريح منصب رئيس جهاز الأمن الوقائى، الذى يعد واحدًا من الأجهزة الأمنية الهامة التابعة لمكتب الرئيس الفلسطينى. وطغت الوجوه الجديدة من التكنوقراط على تشكيلة الحكومة الجديدة. وضمت الحكومة الجديدة 8 وزراء من قطاع غزة من بين 23 وزيرا.
من أبرز الأسماء التى غابت يأتى وزير الخارجية رياض المالكى، الذى احتفظ بهذا المنصب منذ عام 2009، ووزير المالية شكرى بشارة، الذى شغل المنصب منذ 2013.
وتعول السلطة الفلسطينية على هذه الحكومة، المؤلفة من 23 وزيرًا، باعتبارها حكومة مهنية «تكنوقراط»، ولم يتم توزيع أعضائها وفق مبدأ المحاصصة بين الفصائل الفلسطينية.
وقد لاقى إعلان الحكومة الجديدة ترحيبا دوليا وعمَّق الخلاف الداخلى. فقد رحّبت «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأوروبى» وعدد من دول العالم، بالحكومة الجديدة. باعتبارها فرصة لمعالجة التحديات الإنسانية والسياسية والاقتصادية فى الأرض الفلسطينية المحتلة، وللتغلب على التحديات الحالية، بما فى ذلك الانقسامات الداخلية، والعمل على إصلاحات رئيسية نحو مؤسسات ديمقراطية أقوى، وحكومة تعمل لصالح الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وغزة.
أما فى الداخل الفلسطينى فإن حركة «حماس» عبرت عن وضع الانقسام المتأصل فى الجسد الفلسطينى، عندما قالت فى بيان إن «تعيين حكومة بدون توافق وطنى هو خطوة فارغة بالتأكيد من المضمون، وتعمّق الانقسام بين الفلسطينيين».
رغم أننى أتمنى أن أكون من المتفائلين بتشكيل الحكومة الجديدة إلا أن الأمور لا تتحسن بالتمنى. فالواقع الفلسطينى أكثر تعقيدا واحتياجا لمؤمنين بحق الشعب فى العيش، أكثر من احتياجه لمتلاعبين بدهاءٍ سياسى من أجل البقاء.
مازال الدم يسيل بينما اللعبة السياسية مستمرة.