بقلم - عبد اللطيف المناوي
إفريقيا قارة موعودة بالتقلبات السياسية والتوترات، والتاريخ القريب والبعيد يشهدان على ذلك، وتحديدًا بعد حقبةٍ كان المستعمر فيها موجودًا بنفسه على الأرض، ولكنه بعدما رحل (فيزيائيًا) ترك وراءه نفوذًا وموالين يعملون لصالح تلك القوة.
التقارير الصحفية العالمية وهى تصف انقلاب الجابون الأخير قالت إنه ظاهرة «منتظمة» فى العقود الأخيرة فى إفريقيا، إذ وقعت محاولتان فى بوركينا فاسو فى العام 2022، إضافة إلى محاولات فاشلة فى غينيا بيساو، وجامبيا، وجزيرة ساو تومى وبرينسيبى، وفى عام 2021 وقعت ست محاولات فى دول القارة، نجحت منها أربع. وبين عامى 1960 و2000، وقع بمعدل أربع محاولات سنويًا بين دول وسط وغرب وجنوب إفريقيا، منها ما ينجح ويؤسس لوضع مختلف ويساهم فى حدوث تغييرات جذرية فى الحكومات والأنظمة السياسية، ومنها ما يفشل ويبقى الحال كما هو عليه، مع حدوث توترات بين معسكر حاول أن يغير الأوضاع بالقوة، ومعسكر آخر متمسك بالسلطة ومنهجه فى التعامل مع الناس، وإن استعان هو الآخر بما يملكه من قوة تنشأ الحروب والصراعات.
الجابون والنيجر لن تكونا آخر المطاف، ما دامت العوامل والأسباب حاضرة فى المجتمعات الإفريقية، وهى أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، وأظن أن أهمها شيوع الفقر؛ حيث يعانى العديد من الدول الإفريقية من مشكلات اقتصادية هيكلية وعدم توزيع عادل للثروة، ما قد يدفع المجتمعات إلى حد الهاوية.
من بين الأسباب كذلك الصراعات العرقية، ورأينا بشكل واضح ما يحدث فى السودان مؤخرًا، وعدد آخر من الدول ذات الأعراق المتحاربة، فتسعى بعض الجماعات للتمرد من أجل استقلالها، أو تحاول فرض تمثيلها فى مؤسسات الدولة بالقوة.
التدخلات الخارجية فى شؤون دول القارة الداخلية، من بين الأسباب المهمة التى تؤزم الموقف داخل المجتمع الواحد، إذ تسمح بعض الحكومات- أو قوى المعارضة على السواء- بدعمها من مؤسسات أو دول خارجية، بحيث تعمل لصالحها بشكل كامل، دون النظر إلى المصلحة العامة للبلاد، وهو ما يزيد من التوتر ويجعل الوضع أكثر تعقيدًا بين القوى المتنافسة فى الداخل.
أسباب كثيرة تضاف إلى ما ذكرته، منها ضعف التعليم والهجرات المتوالية والإرهاب والتراجع الحضارى، إضافة إلى فشل بعض الحكومات فى تلبية احتياجات شعوبها. وأتصور أن الحلول يجب أن تسير فى مسارين؛ أولهما مسار محلى، حيث يجب على الحكومات أن تعمل على إزالة الأسباب المذكورة سابقًا، إضافة إلى مسار دولى دون تدخل، والمسار الأخير قدر أهميته قدر صعوبته، لأننى أشك دائمًا فى نوايا دول استباحت ومازالت تستبيح ثرواتٍ ليست لها.