بقلم - عبد اللطيف المناوي
لا أعرف تحديدًا من أين جاء هذا السكوت على المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلى، فسكان غزة يواجهون قصفا متهورا بمتوسط ستة آلاف قنبلة أسبوعيًا، وسط استجابة غير مسؤولة تمامًا من المجتمع الدولى.
من المستحيل وصف ما يعانيه سكان غزة الآن الذين ما زالوا يواجهون القصف المتهور، حيث تم استهداف المدارس والمستشفيات، وبالإضافة إلى كل ذلك، تم تشديد الحصار لأن القادة الإسرائيليين، بطريقة أو بأخرى، يُحمـّلون جميع الفلسطينيين في غزة المسؤولية ويعاقبونهم جميعا.
أرى وفقا لما أقرؤه يوميا من أخبار أن الوضع الإنسانى يتجاوز الكارثة، وقد كان صعبا بالفعل قبل هذه الأزمة. نحن نتحدث عن قوة احتلال، كما لا توجد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وما أريد قوله هو أن الاحتلال كان أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفى وتنفيذ عمليات إعدامات ضد الشعب الفلسطينى، إضافة إلى هجمات وتوغلات عسكرية على البلدات والقرى الفلسطينية من قبل الجنود والمستوطنين مستمرة بشكل منهجى.
أقول إن عملية حماس برغم صعوبتها إلا أنها لم تكن تمنع ما ترتكبه إسرائيل من قصف لغزة كل فترة، عندما لم يكن هناك أي هجوم من جانب القطاع حتى.
الغريب أن الجميع لايزالون يتحدثون عن أن إسرائيل تدافع عن نفسها. أي دفاع هذا. كيف يمكن أن يكون هذا دفاعا عن النفس، وهناك قصف شامل لشعب بأكمله تحت هدف غامض ومبهم للغاية، وهو القضاء على حماس، ولكن ماذا يعنى القضاء على حماس؟ حماس هي واقع سياسى، شئنا أم أبينا. لا تحتاج إلى أن تكون متعاطفا مع حركة سياسية مثل حماس حتى تدرك أن الهدف غامض للغاية وقد يبرر قتل المدنيين، كما يحدث هذه الأيام.
حتى وإن كان هناك حق في الدفاع عن النفس، فلابد من احترام مبدأ الإنسانية حتى لا يتم استهداف المدنيين، فما يحدث هو استهداف عشوائى.
إسرائيل مازالت تقتل الفلسطينيين في الضفة، وتقتلهم في كل مكان، وسوف تستمر الأعمال العدائية في غزة، ولكن على المجتمع الدولى أن يستعد لمعالجة تداعيات الإبادة الجماعية التي تحدث حاليا.
الصمت والسكون والمسؤولية المنعدمة صفات جديدة تضاف لصفات المجتمع الدولى الذي سد آذانه عما يحدث.
ويبدو أنه أيضا أغمض عينيه إزاء مشاهد ذبح الأطفال اليومية، وبقى لنا أمل أن تتحرك الشعوب من أجل إيقاظ ما تبقى من ضمير.