بقلم - عبد اللطيف المناوي
بدأت استطلاعات الرأى حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية تشير إلى توجه جديد للأمريكيين، خصوصًا أن أغلبها يقارن بين الرئيس الحالى، جو بايدن، والرئيس السابق، دونالد ترامب، وتختلف الاستطلاعات بين تفوق طفيف لهذا أو لذاك، بينما كثيرون يريدون مرشحًا ثالثًا فى الانتخابات المقررة ٢٠٢٤.
فهل فعلًا من الممكن أن نرى مرشحًا ثالثًا فى الانتخابات الأمريكية؟
ولكن قبل أن نسأل هذا السؤال دعونا أولًا نتحدث عن الأسباب التى دفعت أصحاب هذا التيار الذى يريد رؤية مرشح ثالث غير «بايدن» و«ترامب».
بعيدًا عن سياسات السيدين اللذين سكنا البيت الأبيض لمدتين متتاليتين، فإن هناك تراجعًا كبيرًا لتأييد الطرح السياسى للحزبين الكبيرين، الديمقراطى والجمهورى، فكثير من مؤيدى الديمقراطيين يعتقدون أن الحزب تشدد يسارًا، بينما يظن كثير من مؤيدى الجمهوريين أن الحزب تطرف يمينًا. وهنا باتت مساحة الوسط بلا مرجعية حزبية يرتكن عليها الناخب الأمريكى خصوصًا الشاب منه.
اقتحام الكابيتول الذى يحاكم بسببه «ترامب» فضلًا عن قضايا فساد وإفساد أخرى، من الأمور التى قلصت من شعبية الرئيس السابق، فضلًا عن أن سياساته الداخلية أثناء فترة حكمه لم تكن مرضية لكثير من الشعب الأمريكى.
كذلك القول ينطبق على «بايدن»، فإن فضيحة الإغلاق التى هددت الحكومة طوال الأيام الماضية أسهمت فى اهتزاز صورته المهتزة أصلًا بفعل السن، وبفعل موقفه من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، والتى يرى الناخب الأمريكى أنها مرهقة لميزانية الدولة التى تعانى فى الأساس بعد فترة كورونا.
بلغة الأرقام فإن 58% من الناخبين الأمريكيين يؤيدون اختيار شخصية معتدلة بعيدًا عن الاستقطاب الحزبى، حيث أيّد 60% من الديمقراطيين مُرشح «الطريق الثالث»، بينما دعم هذا التوجه 47% من الجمهوريين، وكان من الطبيعى أن تدعمه نسبة ٧١% من المُستقلين.
«الطريق الثالث» هنا قد يتجسد فى شخص ثالث، أى قد يكون جمهوريًا غير «ترامب»، بحيث يدعم الحزب المسيطر على الكونجرس شخصًا آخر غير الرئيس السابق، وقد يكون ديمقراطيًا، كأن يطرح الحزب شخصًا آخر غير «بايدن»، ولا أعلم الدستور الأمريكى يتيح ذلك أم لا، وإن حدث ذلك فستكون سابقة من نوعها، حيث يتنازل الرئيس الذى مازالت أمامه ولاية انتخابية جديدة عن الترشح لشخص آخر من حزبه، حيث إن «بايدن» يتجاوز 82 عامًا، فهل صحته تساعده فى أداء مهام وظيفته حتى الشهر الأول من عام 2029؟!
الغريب أن النخبة السياسية للحزبين تعانى كذلك من شيخوخة. وهو ما يحتم عليهما البحث عن سياسيين أصغر سنًا وأقوى إدراكًا.
ربما قصد غالبية الأمريكيين بالطريق الثالث أنه تيار ثالث، ليس جمهوريًا ولا ديمقراطيًا، ولو حدث ما أظهرته الاستطلاعات وصعد الطريق الثالث للواجهة فإننا سنكون فعلًا أمام انتخابات أمريكية تاريخية