بقلم - عبد اللطيف المناوي
هل يمكن توقع مدى زمنى للحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين فى قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الجارى؟ وهل الاجتياح البرى لغزة يمكن تجنبه؟ فيما يبدو من تصريحات ومواقف من الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى فإنه لا يبدو هناك أفق لنهاية قريبة لهذه الحرب.
وهذا نلمسه فى تصريحات القادة الإسرائيليين، سواء رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع، يوآف جالانت، ورئيس الأركان، هرتسى هاليفى، الذين أجمعوا على أن الحرب ستكون طويلة ولن تتوقف إلا إذا حققت إسرائيل أهدافها. والهدف الرئيس المعلن لإسرائيل هو القضاء التام على حماس. أما الطرف الفلسطينى الذى أطلق هذه المواجهة وفى مقدمة حاملى السلاح فهى منظمة حماس التى يبدو من سلوكها وردود أفعال قادتها أنهم لا يأبهون كثيرًا بحجم الخسائر والدمار الذى أصاب الفلسطينيين فى مختلف أنحاء فلسطين، بل إن تصريحاتهم يبدو كأنها تدفع إسرائيل إلى الاجتياح البرى الذى سيرفع حجم ضحايا اسرائيل، كما يقولون.
إسقاط حكم حماس فى غزة وتصفية حماس والجهاد الإسلامى تمثل الهدف الإسرائيلى المعلن. ولتحقيق هذا الهدف ليس أمام إسرائيل إلا تنفيذ الاجتياح. ولو حدث ذلك فإن المتوقع وقوع خسائر بشرية كبيرة فى صفوف قواتها، وهو أمر يشكل مغامرة كبيرة للنخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية يمكن أن تؤدى إلى نهايتهم وحسابهم حسابًا عسيرًا من الرأى العام الإسرائيلى.
وهذا يفسر إطالة أمد الهجمات الإسرائيلية وعنفها وتفريغ مساحات واسعة من القطاع لتسهيل عملية الاجتياح إن تمت. هذه الرؤية تعنى أن الحرب ستكون طويلة، وقد تستمر أسابيع أو حتى أشهرًا. لكن سيظل الخوف من ضغط الرأى العام وعدم القدرة على الحفاظ على حالة التأهب واستدعاء الاحتياطى لفترة طويلة وعدم ضمان استمرار الدعم الأمريكى والدولى بذات الزخم والخوف من اتساع نطاق المعركة إلى جبهات أخرى، ستظل هذه العوامل مؤثرة فى القرار الإسرائيلى بما يدفعها إلى تقليص المدى الزمنى للحرب، وتعديل مفهوم الاجتياح الكلى للقطاع إلى اجتياح جزئى، منطقة الشمال تحديدًا، مع محاولة كسر شوكة حماس وطرح خيار خروجهم من غزة وتشكيل لجنة دولية للإشراف على نزع سلاح التنظيمات الفلسطينية فى قطاع غزة، ووضع القطاع تحت إدارة دولية كشرط لوقف العمليات العسكرية.
إذن الحسابات الأمنية من جهة إسرائيل، والضغوط الدولية والإقليمية يمكن أن تحد من حجم عملية الاجتياح وتكييفها بشكل يتواءم مع تلك العوامل لا إلغاءها.
المشكلة هنا أن حماس والتنظيمات التى تقودها لا يبدو أنهم يرون هذه المخاطر، بل يراهنون ويؤكدون على قدرتهم على دحر العدوان الإسرائيلى وتحقيق النصر. ولا يغير هذا من خطورة الموقف الذى له أبعاد أخرى سنتناولها.