بقلم - عبد اللطيف المناوي
الأكيد أن مصر بقيادتها الحالية تنطلق وفق ثوابت أخلاقية أساسية داعمة لحق الشعب الفلسطينى فى حياة آمنة مستقرة فى بلده، رافضة كذلك مبدأ تبادل الأراضى مع إسرائيل، ومن قبلها الرفض الكامل لفكرة التنازل عن أى أرض مصرية لحل أى نزاع.
الظروف الحالية من قصف عنيف ومدمر لغزة، وبداية تغيير حقيقى فى ملامحها، ما استدعى كلمات بدأ يلوكها البعض حول توطين الفلسطينيين فى سيناء، تحتم علينا أن نستحضر جزءا من ذاكرتنا غير المنسية عن بعض مما أثير حول موضوع تبادل الأراضى، أو فكرة حل الصراع العربى الإسرائيلى على حساب أرض مصرية!
هذه الفكرة هى أحد الأفكار القديمة التى يمكن القول إن عمرها هو عمر القضية الفلسطينية تقريبا، ويروى أن الرئيس الأسبق أنور السادات فى أثناء المفاوضات مع إسرائيل فى سبعينيات القرن الماضى عرضوا عليه الفكرة، وكانت تتلخص فى أن تتنازل مصر عن جزء من أرضها فى سيناء مقابل قطعة أرض موازية فى صحراء النقب.
وكان السادات شديد الخبث عندما وافق بشرط أن يختار هو مكان الأرض البديلة، فيقال إن السادات أتى بالخريطة ووضع علامة على ما يريد فى المقابل، واكتشف المفاوضون الأمريكيون والإسرائيليون انه وضع علامة على ميناء إيلات منفذ إسرائيل الوحيد على البحر الأحمر، ولم يفاتحوه فى الأمر بعدها.
كانت نية السادات الرفض بكل تأكيد، ولكن دهاءه دفعه لأن يرفضوا هم الفكرة، أو ينحوها لخطورة رد الرئيس الراحل.
وبعد تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك الحكم وأثناء قضية طابا ظلت المحاولات من الجانب الإسرائيلى وأطراف أخرى دولية لإقناعه، وظل رافضا حتى اللحظة الأخيرة من حكمه رغم كل الإغراءات وكل الضغوط، وهذا ما أشار اليه فى حديثه أو «دردشته» مع طبيبه، التى نشرت بعد ٢٥ يناير.
وقد نشرت فى مطلع عام ٢٠١٠ دراسة مستشار الأمن القومى الإسرائيلى السابق جيورا إيلاند قال فيها إن مملكة الأردن الجديدة هى وطن الفلسطينيين، وينبغى أن تتكون من ثلاثة أقاليم تضم الضفتين الغربية والشرقية وغزة الكبرى التى تأخذ جزءاً من مصر!.
إن مشروع تبادل الأراضى، مقابل تعويضات لمصر، وإقامة صندوق دولى لتنمية سيناء، بل وإغراءات أخرى قد يقدمها البعض مرفوض كلية، رغم المحاولات المستميتة من الإسرائيليين لدفع سكان غزة لعبور الشريط الحدودى مع رفح، وقد ظهر ذاك فى العديد من تصريحات المسؤولين الأمنيين فى إسرائيل خلال الأيام الماضية، وحثهم على مغادرة القطاع باتجاه مصر.
تلك الألاعيب التى صارت فى العلن أمر تم حسمه على أكثر من مستوى ومن أكثر من طرف من الأطراف الفاعلة فى ملف محاولات حل الأزمة الفلسطينية.