توقيت القاهرة المحلي 18:28:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما بكت أمي بعد هزيمة 1967

  مصر اليوم -

عندما بكت أمي بعد هزيمة 1967

بقلم - عبد اللطيف المناوي

وقت هزيمة 1967 لم أكن بالوعى الكافى الذى أستطيع من خلاله تبيّن ما حدث بالضبط. صورٌ مشوشة عالقة فى ذهنى حول تجمع الأهل والجيران حول تليفزيون صغير يستمعون فيه للرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو يعلن قرار تحمله مسؤولية النكسة وتنحيه عن أى منصب رسمى.

شعورٌ غير مفسر - بالنسبة لى- عن عصبية البعض فى استقبال الخبر، وخوف البعض الآخر، ومزيج بين القلق والدموع انتاب الصامتين الذين آثروا عدم التعليق بالكلام.

بكى من بكى حولى، ولكنى لا أذكر إلا بكاء أمى، رحمها الله. حينها لم أفهم لماذا تبكى؟ فلم يُفقد أحد من عائلتنا فى الحرب، ولا نسكن فى مدينة طالتها يد الاحتلال العسكرية، فطُردنا أو هُجّرنا من منازلنا.

أما وقت انتصار أكتوبر 1973، فكنت أكثر تفاعلاً معها وإدراكًا لها لدرجة أننى ظننت أن إحساسى بها كان قادرًا على أن يُخرج الشاعر الكامن فىّ، بدأت كتابة قصيدة، ولكنى لم أكملها حتى الآن! قد يكون هذا من حظ الشعر والشعراء.

كنت بالوعى الكافى لتفسير الكثير من الأشياء، حيث إن اللحظات الحاسمة فى حياتنا، سواء على المستوى الشخصى أو العام، قد تخلق حالة شديدة الإيجابية. فى مثل هذه الأوقات يستكشف الإنسان والمجتمع طاقات كبرى ومصادر قوة وسمو عن الصغائر، ونرى تنافسًا إيجابيًا بين أفراد المجتمع ليثبت كل شخص لنفسه قبل الآخرين أنه منتمٍ للمجتمع ولأفراده، وعلى استعداد حقيقى للعطاء والتضحية.

كنت بالوعى الكافى حتى أتعامل مع ما حدث فى مصر أيام حرب أكتوبر، وكيف كان نموذجًا ملهمًا للمجتمعات، فقد اختفت الشكوى من ندرة التيار الكهربائى، ومن نقص الخدمات والمواد التموينية، وحل محلها الرغبة الصادقة فى العطاء والتضحية من أجل الانتصار.

ظهرت أصالة وعراقة المصريين، تراجعت معدلات الجريمة، إذ كادت سجلات الشرطة أن تخلو من الجرائم الجنائية. لا محاضر ولا بلاغات، لم تُسجل حالة سرقة واحدة. انضم من اعتاد ممارسة البلطجة لحركات المقاومة الشعبية، حتى المطاريد فى جبال الصعيد أعلنوا استعدادهم للتطوع فى الحرب.

وعندما دعت وزارة الصحة إلى التبرع بالدم امتلأت المستشفيات ومراكز ووحدات التبرع بملايين المصريين، حتى خرج وزير الصحة وقتها الدكتور محمود محفوظ يطالب المواطنين بالتوقف عن التبرع بالدم، لأن جميع «ثلاجات» الدم فى جميع مراكز التبرع بدءًا من ساحل المتوسط إلى أسوان امتلأت عن آخرها.

ويمكن استحضار هذه الحالة من خلال فيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى يظهر فيها كيف تزاحم المصريون للتبرع بكل ما يملكون من أموال وذهب للمجهود الحربى وبالدماء.

الكل كان فى واحد، والواحد كان يضحى من أجل الجميع.

تظل المتعة الحقيقى فى الاستماع لمن عاش هذه اللحظات، نعم لحظات، لأن هذه الحالة عمرها قصير. هذه الحالة هى من أنقى الحالات التى مر بها الشعب. عشناها فى 73 وعشنا حالة مشابهة لها عقب 30 يونيو.

ولكن قبل كل ذلك فهمت سر بكاء أمى عند الهزيمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما بكت أمي بعد هزيمة 1967 عندما بكت أمي بعد هزيمة 1967



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 11:57 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف سبب تصميمه على كتابة أغانيه

GMT 04:18 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

مبابي يرفض وساطة لحل أزمته مع ناصر الخليفي

GMT 00:03 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

على ماهر يمنح لاعبى المصرى راحة سلبية 48 ساعة

GMT 05:36 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

القهوة تحمي من الإصابة بالشلل الرعاش والخرف

GMT 16:23 2018 الإثنين ,07 أيار / مايو

‏فضل صلاة النافلة

GMT 01:43 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

عصام عبد الفتاح يهاجم النادي الأهلي

GMT 00:28 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

بامية ويكا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon