بقلم - عبد اللطيف المناوي
. نستكمل قصة محمد الفايد.
في سنة 1997 بدأت وسائل الإعلام تتناقل أخبار علاقة دودى بديانا، لكن المشهد انقلب كليًّا بعد موت الأميرة ديانا ونجله دودى في حادث سير مروع في باريس عندما ارتطمت السيارة التي كانت تقلهما بأحد الأعمدة الخرسانية في نفق ألما، وقد أكدت التقارير الجنائية حينها أن السائق كان مخمورًا.
كان الفايد يتردد بين دول أوروبا يصرح للناس بأن النخبة الحاكمة في بريطانيا هي التي تسببت في قتل ديانا ودودى، من دون أن يوجه اتهامه لأحد، وهذا ما جعله يدفع ثمنًا باهظًا نظير هذه الاتهامات، فقد خسر «هارودز» امتيازًا ملكيًّا من فيليب جراء ما عدّه قصر باكينجهام تراجعًا في العلاقة التجارية بين الأمير والمتجر. وفى وقت لاحق من العام ذاته، ردّ الفايد بإلغاء كل الامتيازات المتبقية للملكة والملكة الأم وتشارلز.
وعندما استقر في سويسرا في منتصف العام 2002 تقريبًا، وبعد أن كان يتهم النخبة، اتهم صراحة المؤسسة الحاكمة البريطانية، أما في فبراير 2008، فكان أكثر وضوحًا وتحديدًا، بل قدم أدلة للعالم من أجل إعادة التحقيق في مقتل ابنه وديانا، يتهم فيها الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، بأنه أعطى أوامر بقتلهما، بالتواطؤ مع جهاز الاستخبارات البريطانى، بهدف منع ارتباط محتمل بين رجل مسلم وسيدة ستصبح يومًا والدة ملك بريطانيا!.
شخص وضع نفسه في موقع من يحارب مؤسسة، بل مؤسسات دولة بحجم بريطانيا، بالتأكيد هو خاسر، بالفعل في 2010 باع متجر «هارودز» الشهير وسط لندن، لشركة «قطر القابضة» مقابل 1.5 مليار جنيه إسترلينى، وفى 2011 موّل إنتاج فيلم وثائقى بعنوان «قتل غير مشروع» استعاد فيه اتهامه للأمير فيليب بقتل دودى وديانا، ورغم عرض الفيلم في مهرجان «كان» السينمائى، فإن مشكلات قانونية حالت دون عرضه للجماهير.
ولأنه عادى القصر البريطانى بكل جوارحه، ساند فكرة انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، بل في عام 2012، صرح لـ«بى بى سى» بأنَّه لو أصبحت اسكتلندا حرة ومستقلة، كان سينتقل إلى هناك بشكل دائم، وكان في مخيلته أن تنفصل اسكتلندا ثم يحصل على الجنسية الاسكتلندية، وبعد ذلك يترشح للرئاسة ليصبح أول رئيس لاسكتلندا، معللًا ذلك بأن اسكتلندا مصرية الأصل، لأن اسمها مشتق من اسم أميرة فرعونية رحلت إليها في الماضى!.
بنى الرجل إمبراطوريته حجرًا حجرًا، بنى إمبراطورية تجارية تشمل مجالات الشحن والعقارات والمصارف والبيع بالتجزئة والمقاولات، ورغم أن ثروته قدرت منذ سنوات بـ1.9 مليار جنيه إسترلينى، فإنه لم ينس فعل الخير عبر مؤسسات تساعد الأطفال في بريطانيا وتايلاند ومنغوليا.
ومثلما كانت حياة الرجل صاخبة بهذا الشكل، كانت وفاته رغم تعديه التسعين صاخبة أيضًا وذلك بسبب وصية أوصى بها بأن يحنط ويوضع في مجسم زجاجى حتى يلقى عليه الناس نظرة الوداع، إلا أن المشاهد التي خرجت من الإعلام لجنازته أثارت صخبًا للحد الذي جعل الكثيرين يشككون في حدوث الوفاة من الأساس!.
مات الرجل بعد أن حقق ما أراد، فقد وقف معلنًا انتقاده أقدم دولة على وجه الأرض، عادى من وصفوه بـ«الفرعون المزيف»، وبأنه «مجرد مصرى».