بقلم - عبد اللطيف المناوي
تمثل الحدود المصرية الأربعة مصدر قلق مستمر، حيث إن الأوضاع الملتهبة شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا لم تهدأ خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا مع تفجر أحداث ما سُمى «الربيع العربى» في البلدان المجاورة.
خطر الإرهاب يأتى من كل الجهات، بينما هناك مخاطر أخرى مرتبطة بالهجرة غير الشرعية، وبتهريب الممنوعات والمخدرات، وهى أمور كلها تهدد استقرار الدولة، خصوصًا أن مصر تخوض حربًا شرسة مع التطرف، وفى الوقت نفسه تواجه تحديات اقتصادية لا حصر لها.
الحدود مع قطاع غزة، مثلًا، مصدر قلق، حيث يشهد القطاع خلال هذه الفترة احتجاجات واسعة ضد حركة حماس، إذ يشكو سكان غزة، الذين يقارب عددهم مليونى نسمة، سوء الأوضاع الاقتصادية وضعفًا في الخدمات الاجتماعية الضرورية في القطاع الذي تسيطر عليه حماس منذ 2007.
الأوضاع المضطربة نتيجة حكم الحركة الإسلامية ليست فقط ما يقلق مصر، بل الحصار الخانق أيضًا الذي تضربه قوات الاحتلال الإسرائيلية من جهة أخرى، ما يتسبب في خنق الجسد الغزاوى وانفجاره في كل الاتجاهات.
أما الحدود الغربية لمصر والتى تمتد بطول 1115 كيلومترًا مع دولة ليبيا، فهى أيضًا ملتهبة، ومصدر أزمة، فالسيطرة الكاملة عليها صعبة للغاية. لقد صارت ليبيا من أكثر النقاط جذبًا للجماعات المتطرفة وذلك بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافى، ونتيجة لذلك فإن عددًا من القوى هناك تتنازع الحكم.
الأزمة الأخيرة والتى اندلعت مع عزم قوات المشير خليفة حفتر على ما سمّاه «تطهير طرابلس» تنذر أيضًا باضطراب في الأوضاع هناك، ولهذا تحاول القاهرة تهدئة الأوضاع وتؤكد مرارًا على الحل السلمى، بل إن الرئيس السيسى بنفسه تحدث مع الرئيس الأمريكى في اللقاء الأخير عن تلك الأزمة، ومحاولات نزع فتيلها.
الوضع في الجنوب أيضًا لا ينذر بخير بعد الاحتجاجات التي وصلت منطقة قصر الرئاسة في السودان، وهى الاحتجاجات المستمرة في شهرها الرابع، بسبب ارتفاع معدل التضخم وزيادة كبيرة في الأسعار. ويعانى السودانيون منذ سنوات بسبب المشكلات الاقتصادية التي تضغط على البلاد، ما جعلها تنفجر في وقت حرج للغاية.
وعلى الرغم من أن الشمال (أو البحر المتوسط) هو الأقل قلقًا بسبب مكافحة مصر ظاهرة الهجرة غير الشرعية، لكنه يظل قنبلة موقوتة مع تفجر الأوضاع في الحدود الأخرى. التاريخ البشرى يذكر أن مصر دائمًا ما تهددها تلك المخاطر، ربما لأنها مطمع حضارى مهم، وربما لأنها مركز جغرافى مهم، وربما لأنها دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، يتعدى دورها مجرد الحدود الأربعة.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع