توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا لخصخصة الصحة.. احترامًا للدستور وحماية للمريض

  مصر اليوم -

لا لخصخصة الصحة احترامًا للدستور وحماية للمريض

بقلم - صلاح الغزالي حرب

تنص المادة 18 من الدستور المصرى على أن لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وعلى أن الدولة تلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، كما أن جميع المنشآت الصحية تخضع لرقابة الدولة وتشجع الدولة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقا للقانون.. وعلى الجانب الآخر من الصورة ووفقا لأحدث تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى عام 2022 بلغ معدل الفقر حوالى 32.5%، ويمكن أن نستخلص من ذلك بسهولة أن الدولة هى المسؤولة عن المريض المصرى، كما أنها لابد أن تقدم الحوافز المناسبة للقطاع الخاص لإنشاء الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية لمساندة الدولة من أجل زيادة الأسرة، مع المراقبة والتأكد من جودة الخدمة وعدم الغلو والشطط فى الأسعار واستقبال شكاوى المريض فى الوقت الذى تمارس فيه واجبها الدستورى فى المستشفيات الحكومية بأنواعها..

لقد فوجئت، منذ أيام، بخبر اجتماع السيد وزير الصحة مع السيد رئيس الوزراء، حيث استعرض الوزير جهود تشجيع الاستثمار فى قطاع الصحة والشراكة مع القطاع الخاص، وأشار إلى أن هناك بالفعل عددا من الشراكات مع القطاع الخاص فى هذا المجال، ومن بينها الشراكة فى إدارة وتشغيل عدد من المنشآت الصحية القائمة، ومنها مبرة المعادى ومستشفى هليوبوليس (المؤسسة العلاجية) ومستشفى العجوزة (أمانة المراكز الطبية المتخصصة) ومستشفى الشيخ زايد ومستشفى أورام دار السلام (هرمل)، بالإضافة إلى شراكات أخرى فى المنشآت الصحية الجديدة!، ولكى نتذكر معا فإن المؤسسة العلاجية وهى هيئة اقتصادية تابعة لوزارة الصحة قد أنشئت بقرار جمهورى من الزعيم الراحل عبدالناصر فى عام 1964 لتقديم خدمات علاجية بأسعار اقتصادية للطبقات المتوسطة وتضم مستشفيات هليوبوليس ومبرة مصر القديمة ومبرة المعادى والمستشفى القبطى والإصلاح الإسلامى وهى تعمل بتمويل ذاتى، بمعنى أنها تقوم بالصرف على نفسها من إيراداتها، وقد ضخ بنك الاستثمار القومى استثمارات للمؤسسة تقدر بنحو 89.2 مليون جنيه خلال الفترة من 2009 وحتى 2017 من أجل الارتقاء بمستوى الخدمة ومواكبة التكنولوجيا وتطوير وترميم مبانى المستشفيات وتوريد أجهزة طبية حديثة وغيرها من الخدمات المطلوبة، وهناك أكثر من 8 فروع لمستشفيات المؤسسة، منها 5 فى القاهرة الكبرى و3 فى الإسكندرية، وفى مارس الماضى تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة المالية وبنك الاستثمار القومى والمؤسسة العلاجية تحت رعاية وزير الصحة من أجل تحسين وجودة الخدمة المقدمة.

وكشف عضو بمجلس إدارة غرفة مقدمى الرعاية الصحية بالقطاع الخاص أن المفاوضات الجارية مع الوزارة حول مستشفيات المؤسسة العلاجية سوف تؤدى إلى تعاقد لإدارة المستشفى مع الحق فى إعادة هيكلة ورواتب الأطباء والتمريض وتحديد كل ما يتعلق بمسألة أسعار الخدمات الصحية فى المنشأة دون تدخل من الوزارة، وذلك لمدة 10- 15 سنة.

وقد سعدت كثيرا عندما أعلنت نقابة الأطباء عن رفضها لمقترح هذه الشراكة فيما يتعلق بالمنشآت الصحية، وقالت إن على الدولة أن تمنح المستثمرين حزمة من الحوافز لتشجيعهم على بناء مستشفيات جديدة لخدمة الآلاف من المواطنين، وكذلك دعم القطاع الأهلى والخاص لتطوير منشآته وتحمل مسؤولياته فى تقديم الخدمات الصحية، إلى جانب المنشآت الحكومية، وصرح الصديق العزيز أ. د أسامة عبدالحى، نقيب أطباء مصر، بأنه لا توجد ضمانات فى القانون لحماية حقوق العاملين فى هذه المستشفيات سواء الأطقم الطبية أو الإدارية، وتم بعض التعديل لتوزيع هؤلاء على مستشفيات الوزارة، وقال إنه لا توجد ضمانات لحماية المواطن المصرى من الاستغلال، وطالب بوضع خطة لتطوير هذه المستشفيات ورفع كفاءة الأطقم الإدارية بها، وكذلك النظام الصحى، وذكر أن هذه الشراكات المزمع إجراؤها قد تمت قبل ذلك، وللأسف تضاعفت أسعار العلاج بها.

أتذكر جيدا أن الرئيس السيسى قد عقد اجتماعا فى 26 مارس 2023 لمتابعة تطوير منظومة الصحة فى مصر مع رئيس الوزراء ووزير الصحة وبعض المسؤولين عن الصحة، وركز على ضرورة تطوير عدد من المستشفيات ومنها أم المصريين وهليوبوليس والمستشفى القبطى وغيرها من المشروعات الأخرى.. كما أن د. محمد عوض تاج الدين، مستشار الرئيس للصحة والوقاية، كان قد صرح بأن موضوع تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية ودقة على كل المستويات مع ضمان توفير الحد اللازم من مؤسسات الرعاية الصحية لتقديم الخدمات للمواطنين، وأن الأولوية فى كل الأحوال هى خدمة المواطن.. ولكن، وللأسف الشديد، فوجئنا، نحن الأطباء ومعنا جموع المواطنين، بمشروع قانون غير متوقع وغير مقبول من نقابة الأطباء- الممثل الوحيد لأطباء مصر- والذى تم إقراره بسرعة غير مبررة وغير مفهومة عقب اجتماع وزير الصحة ومستشاريه القانونيين مع لجنة الصحة بمجلس النواب وبعد تعديلات بسيطة لا تتناسب مع ملاحظات الأطباء.

لا يمكن قبول هذا القانون بوضعه الحالى وأطالب بمراجعته للأسباب التالية:

أولا: لا يمكن تجاهل العنصر الرئيسى فى المشكلة الصحية وهو الطبيب المصرى الذى يتفوق بعلمه وذكائه وأمانته وإخلاصه على الكثير من أقرانه فى العالم من حولنا، ولا يمكن أن نتناسى أنه صاحب الفضل فى النهضة الصحية فى العالم العربى منذ سنوات طويلة، وتعلم الدولة جيدا أنه يعانى من مشكلات كثيرة، كما أنه من أقل الأطباء أجرا فى العالم، لكنها لم تنجح فى تعديل الأوضاع مما أدى إلى هجرة أعداد هائلة منهم إلى الخارج، وهى كما أراها كارثة حقيقية تهدد الأمن القومى، ومحاولة إحلال أطباء أجانب للعمل فى هذه الشراكات لن يكتب لها النجاح بل سيكون ذلك عبئا جديدا على المريض المصرى.

ثانيا: اللجوء إلى ما سماه السيد وزير الصحة المشاركات مع القطاع الخاص لإدارة وتشغيل عدد من المستشفيات الحكومية، يعنى بوضوح فشل الوزارة فى الإدارة والتشغيل، فهناك مستشفيات كثيرة خاصة وأهلية تدار بكل جدارة، لكنه الإهمال وعدم الاختيار الأمين والسليم لقيادات الكثير من المستشفيات الحكومية مع ضمور الميزانية الذى أدى إلى إضعافها، وأتذكر الآن جيدا ما حدث فى مستشفى الهلال وقبله فى مستشفى العجوزة الذى شهد ثورة تصحيحية متميزة حازت إعجاب وراحة المواطنين والمرضى، عندما تولى إدارته شقيقى الحبيب الراحل د. طارق الغزالى حرب.. والحل البسيط الذى اقترحته عدة مرات هو إلغاء مهزلة ما يسمى العلاج على نفقة الدولة وتوجيه الأموال المخصصة لذلك إلى هذه المستشفيات، كما أن استيراد أطباء وإداريين من الخارج لهذه المستشفيات الحكومية أمر مرفوض ولا يليق بمصر.

ثالثا: كما ذكرت فى المقدمة فإن الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل تعتمد فى الغالب على هذه المستشفيات، وكذا المستشفيات الجامعية التى تعانى هى الأخرى من نقص الموارد، فميزانية مستشفيات قصر العينى تعتمد على دعم الدولة بنسبة 80% ومن التبرعات بنسبة 20%، علما بأن متوسط أعداد المرضى سنويا يتراوح بين 2 و2.5 مليون مواطن والخدمات مقدمة على مدى 24 ساعة!، وهناك تمويل ذاتى يمثل حوالى 40% من ناتج العلاج الاقتصادى.

رابعا: الاعتماد على مشروع التأمين الصحى الشامل لتمويل الإنفاق لن يتحقق قريبا مع البطء الشديد فى الانتشار والذى يحتاج ثورة تصحيحية فى إدارة المشروع، فالمريض المصرى، كما سبق أن كتبت، يحتاج فقط إلى مستشفى نظيف وطبيب نابه ومستريح وتمريض جيد ودواء متاح ولا شىء غير ذلك.

أهلا وسهلا بالكثير من المستشفيات الأهلية والخاصة لزيادة عدد الأسرة التى نحتاجها بشدة، ويجب تقديم كل التسهيلات الممكنة لذلك، شريطة أن تكون تحت رقابة وزارة الصحة لتجنب ما نراه للأسف جميعا من بعض هذه المنشآت من استغلال مرفوض ومغالاة غير مبررة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا لخصخصة الصحة احترامًا للدستور وحماية للمريض لا لخصخصة الصحة احترامًا للدستور وحماية للمريض



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon