أولًا.. إلى مريض السكر:
مرض السكر من الأمراض المزمنة والخطيرة، التى تنتشر بسرعة فى كل أنحاء العالم، وتُعد مصر للأسف ضمن أكثر 10 دول عددًا فى مرضى السكر، الذى يتميز بزيادة نسبة الجلوكوز فى الدم نتيجة نقص أو انعدام هورمون الأنسولين فى الجسم.. وهناك عدة أنواع.. فالنوع الأول، الذى يمثل حوالى 5% من الحالات، والذى يصيب الأطفال والشباب، يحدث نتيجة خلل مناعى غير معروف السبب، يؤدى إلى القضاء السريع على خلايا البنكرياس، ومن ثَمَّ التوقف عن إفراز الأنسولين.
أما النوع الثانى، الذى يمثل حوالى 90% من المرضى من الكبار، فينتج عن وجود مقاومة لمفعول الأنسولين، مما يؤدى إلى زيادة إفرازه لتعويض المقاومة، ما يؤدى بدوره إلى إنهاك خلايا البنكرياس ثم نقص الهرمون.. ثم تبقى 5% من الحالات، معظمها سكر حمل، وهو الذى يظهر فجأة أثناء الحمل، وقد يختفى بعده أو يعاود ظهوره.
وسوف أعرض، اليوم، ما أسميه «الوصايا العشر لمريض السكر»، من خلال تجربتى الطويلة مع هذا المرض:
1) مرض السكر سيلازمك مدى الحياة.. فتعايش معه فى سلام:
النوع الأول من السكر يأتى عادة فجأة، وبلا مقدمات، فى صورة نقص سريع فى الوزن، مع إرهاق شديد، وتبول متكرر ليلًا ونهارًا، مع إحساس كبير بالعطش، ومع التدخل بالأنسولين سريعًا تختفى كل الأعراض. أما النوع الثانى فى الكبار فهو كثيرًا ما يتم اكتشافه بالمصادفة، وبلا أعراض، وأحيانًا يتم اكتشافه عن طريق طبيب الأسنان أو العيون أو النساء، وأحيانًا تظهر أعراض مثل الإجهاد بغير سبب، وتكرار التبول ليلًا، وفى جميع الحالات فإن الحقيقة هى أنه قد بدأ فى الجسم قبل اكتشافه بعدة سنوات، مما يستدعى سرعة العلاج الذى يستمر طول العمر.
2) تغيير نمط الحياة هو مفتاح النجاة من المضاعفات، وخاصة فى النوع الثانى:
المقصود بهذه العبارة العمل على إنقاص الوزن فى حالات السمنة، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن إنقاص 5- 7% من الوزن فقط كفيل بإحداث تحسن فى مستوى السكر بالدم وضغط الدم وتقليل نسبة المضاعفات، ومع إنقاصه بنسبة أكبر فإنه قد يؤدى إلى حالة من الكمون، حيث ينتظم مستوى السكر، بغير علاج، لمدة شهور أو بضع سنوات.. ومع إنقاص الوزن، لابد من الامتناع عن التدخين نهائيًّا، والاستمرار فى ممارسة الرياضة، وخاصة المشى هرولة، على الأقل 150 ساعة أسبوعيًّا، مع ضبط مستوى الضغط ونسبة الدهون بالدم.
3) التدخين هو العدو الأول لمرض السكر:
ثبت علميًّا أن التدخين هو أحد أهم أسباب ظهور مرض السكر فى حالة وجود تاريخ عائلى، حيث يتحد دخان السيجارة مع الأكسجين فى جسم الإنسان، مما يؤدى إلى تغيرات التهابية فى جدران الشرايين، كما أن النيكوتين يساعد على رفع نسبة الجلوكوز بالدم، مما يؤدى إلى التبكير فى ظهور مضاعفات خطيرة مع زيادة مقاومة هرمون الأنسولين.
4) تخفيض مستوى السكر فقط ليس هو الهدف:
لا يكفى فقط الاعتماد على تخفيض نسبة السكر بالدم، بل من المُحتَّم العمل على علاج كل العوامل المصاحبة، مثل ارتفاع الضغط وزيادة دهون الدم والنقرس وغيرها، وبغير ذلك تزداد نسبة المضاعفات الخطيرة، وخاصة فى شرايين الدم.
5) علاج السكر مهمة المتخصصين فى هذا المرض فقط:
زادت فى السنوات الأخيرة أنواع علاج مرض السكر، بما يُحتِّم ضرورة قصر وصف هذه الأدوية على الأساتذة والاستشاريين المتخصصين فى هذا المرض فقط.. فكثيرًا ما صادفت وصفات طبية مع المريض تحمل أسماء تجارية، ولكنها فى حقيقتها كلها مادة فعالة واحدة!، وغيرها من الأخطاء الفادحة نتيجة عدم الإلمام الجيد بتفاصيل كل العقارات المتاحة للمرض، مما يؤدى فى أحيان كثيرة إلى مضاعفات خطيرة للمريض.
6) الأنسولين هو العلاج الآمن والفعال لمريض السكر:
مشكلة مريض السكر تكمن فى هورمون الأنسولين، الذى يجب استخدامه من اليوم الأول وطوال العمر عند انعدامه فى مرضى النوع الأول، فى حين أن مرضى النوع الثانى يمكنهم الاعتماد على الحبوب وحدها أو مع الأنسولين حتى يتوقف إنتاج الأنسولين فى الجسم، وتلك هى مهمة الطبيب، وينصح الخبراء بعدم التأخر فى استعمال الأنسولين لأن أى ارتفاع لنسبة السكر يؤثر فى شرايين المريض.. وهذه للأسف ظاهرة ملحوظة تؤدى إلى تدهور الحالة نتيجة رفض المريض للأنسولين أو عدم كفاءة الطبيب المعالج.
7) مرض السكر لا يمنع الحمل أو القدرة على الإنجاب:
إذا التزمت مريضة السكر بتعليمات الطبيب المتخصص فلا خوف عليها من الحمل والولادة، كما أن القدرة على الإنجاب والخصوبة تتأثر فقط عند الإهمال فى العلاج لفترة طويلة، وخاصة فى وجود التدخين.
8) لا يوجد علاج موحد لمرضى السكر:
مع ظهور مجموعات كثيرة من أدوية السكر فى السنوات الأخيرة، اتفقت كل الهيئات العلمية لمرض السكر فى العالم على ما يسمى تفصيل العلاج على المريض، بما يعنى اختيار الدواء المناسب للمريض طبقًا لتاريخه المرضى بالتفصيل ووجود أمراض أخرى مصاحبة مثل ارتفاع الضغط وحالة القلب والكبد والكلى وغيرها، وهى مهمة صعبة، ولكن لا بديل عنها، ولا يجب استخدام لفظ أفضل أو أحسن عند الحديث عن الأدوية، ولكن يُستخدم فقط الأنسب لهذا المريض.
9) المتابعة الدورية والفحص الشامل جزء رئيسى فى خريطة العلاج:
متابعة الطبيب كل 6 أشهر، وعمل فحص شامل لشبكة الشرايين وكل أعضاء الجسم سنويًّا، مع المتابعة اليومية لمستوى السكر كما يصف الطبيب هى أركان نجاح علاج السكر، وقد أنشأت مركزًا لهذا الفحص الشامل فى مستشفى معهد ناصر، منذ حوالى 30 عامًا، وهو يقدم الخدمة يوميًّا، وبأسعار مناسبة، باعتباره تابعًا لوزارة الصحة.
10) الوقاية من السكر ممكنة:
هناك طريقان للوقاية.. الأول يعتمد على عمل مسح قومى لحالات ما قبل السكر، والثانى يعتمد على اكتشاف حالات السكر لمَن لا يعانى السكر، وقد سبق أن تحدثت عن برنامج الكشف المبكر عن السكر فى مقالات سابقة، والذى بدأته فى عام 2003، بالتعاون مع وزارة الصحة، بقيادة أخى العزيز، أ. د. محمد عوض تاج الدين، وهو البرنامج الذى تم تجاهله وإهماله مع الوزراء اللاحقين، بعد أن تم الكشف على ما يقرب من 150 ألفًا من المصريين.
ثانيًا: كواليس مفيد فوزى:
شرّفنى الإعلامى القدير، الأستاذ مفيد فوزى، بإهدائى نسخة من كتابه الجديد (كواليس مفيد فوزى)، الذى يضم كما وصف هو حكايات لها معنى وربما مغزى!، كما أنه أهدى الكتاب إلى حفيده «شريف» ليقرأ باللغة العربية ما كتبه جده على مر السنين لعله يستملح شيئًا من رحلته فى الحياة كما قال.. ولقد سعدت بلقاء الإعلامى الكبير، مرتين على الشاشة، مع الكاتب والصحفى الكبير حمدى رزق، فى حوارين كبيرين عن مرض السكر، وقد اشتهر هذا اللقاء بسؤال الأستاذ مفيد عن إمكانية أكل مريض السكر البسبوسة التى يعشقها، وكانت إجابتى بأن مريض السكر مطالب بالترشيد وليس الحرمان.. وقد تبين لى من قراءة الكواليس أن مفيد فوزى وُلد ليكون إعلاميًّا، وتحديدًا ليكون محاورًا، وقد وصفه الكاتب الكبير «هيكل» بأنه أفضل المحاورين وأشهرهم.
كما أنه تعلم على أيدى العمالقة فى بداية مشواره الطويل والملىء بالأشواك، ومنهم أحمد بهاء الدين ومصطفى وعلى أمين وفتحى غانم وسلامة موسى وغيرهم.. وقد عاش المصريون معه فى برنامجه الأشهر (حديث المدينة) على مدى عشرين عامًا، وكان بالفعل مرآة صادقة لأحوال المدينة المصرية.. فشكرًا للإعلامى المخضرم على الكتاب صغير الحجم عظيم القيمة.