زادت فى الفترة الأخيرة علامات الاستفهام والأسئلة، التى تتردد على ألسنة المواطن المصرى ولا يجد لها إجابة شافية، وقد لاحظت أن الكثير من المسؤولين إما لا يقرأون، أو إذا قرأوا لا يهتمون، أو إذا اهتموا فلا ينفذون!. وللأسف الشديد، فإن ذلك كله يترجم عند المواطن السائل إلى إحساس بالغربة والغضب وفقد الأمل، وأحيانًا إلى تصرفات خارج إطار القانون، كما أنه يشجع على انتشار الشائعات، التى يستغلها المتربصون المنتشرون على شبكة التواصل الاجتماعى من أجل إشعال نار الفتنة.. وإليكم بعض الأسئلة:
1) إلى وزير العدل، المستشار عمرو مروان:
فى حديثه إلى الإعلامى المخضرم عمرو أديب مؤخرًا، أكد السيد الوزير المحترم أن العفو الرئاسى لا ينطبق إلا على مَن صدرت عليه أحكام قضائية نهائية فقط، ولا يتعلق بحالات الحبس الاحتياطى، الذى هو من سلطة النيابة العامة وحدها، ولا يمكن أن تتدخل السلطة التنفيذية فى هذا الأمر.. والمعروف أن التعليمات العامة للنيابات تضمنت فى المادة 381 تعريف الحبس الاحتياطى بأنه من إجراءات التحقيق.. وغايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائى من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجنى عليه، وكذلك وقاية المتهم من محاولات الانتقام منه.. وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة هذا الحبس على ستة أشهر فى حالات الجنح، وثمانية عشر شهرًا فى الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام.. وينظم الحبس الاحتياطى أكثر من قانون،
على رأسها قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وتعديله الأخير فى سبتمبر 2020 وقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقد أوكلت جميع تلك التشريعات فى الكثير من الأحوال سلطة الحبس الاحتياطى إلى غير القضاة الجالسين، ممثلين فى النيابة العامة وقضاة التحقيق.. ومن هنا أصبح الحبس الاحتياطى نوعًا من العقوبة غير المُقنَّنة، وهو ما يشكل مساسًا خطيرًا بالحرية الشخصية التى تحدثت عنها المادة 54 من الدستور المصرى.. وقد أثارت تعليقات الوزير الكثير من القلق والغضب عند أهالى المحبوسين احتياطيًّا، الذين لم تثبت إدانتهم بالعنف أو التحريض عليه، ومع ذلك فقد مضى عليهم وقت طويل فى الحبس الاحتياطى بغير سند من قانون.. والسؤال هنا- ونحن نعيش مرحلة استقرار سياسى وأمنى، ونتأهب لحوار وطنى طال انتظاره: لماذا لا يشمل العفو الرئاسى تلك الفئة الأَوْلَى بالعفو، حتى لو تطلب الأمر تغييرًا تشريعيًّا؟. إن حرية الإنسان فى التعبير مصونة بالقانون، كما أن التجاوز غير مقبول أيضًا بحكم القانون، وأملى كبير فى لجنة أمناء الحوار الوطنى لوضع هذا الأمر فى أولوياتهم.
2) إلى وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، د. عاصم الجزار:
سبق أن خاطبت المسؤولين عن المجتمعات العمرانية بخصوص المهام المُوكل بها إلى السادة رؤساء المدن الجديدة، وطالبت بضرورة إعادة النظر فيها، وللأسف لم يعلق أحد، وهو أمر مرفوض وغير مقبول لأننا نتحدث باسم الملايين عن أمور تتعلق بحياة ومعيشة المواطنين، فإذا لم يلتفت إليها المسؤول، فلماذا يستمر فى منصبه؟.. وقد تحدثت عن القاهرة الجديدة تحديدًا كمثال باعتبارى من ساكنيها.. فرئيس المدينة- الذى لم أتشرف بلقائه حتى الآن- أراه يبذل جهودًا خارقة بغير مردود يشعر به المواطن لسبب بسيط، وهو أنه لا يملك سلطة المحافظ، التى هو أَوْلَى بها، خاصة مع التوسعات المستمرة فى المدينة، وعلى سبيل المثال،
فإن رؤساء المدن ليست لهم سلطة مباشرة على المرور، الذى يشهد انتهاكات كثيرة مع توغل مافيا الميكروباصات، التى تكاد تحول المدينة إلى عشوائيات جديدة، كما لا توجد إشارات خاصة لعبور المشاة عبر الشوارع الواسعة، ما أدى إلى الكثير من الحوادث، وكذلك كثرة حوادث كسر مواسير المياه أو الكهرباء نتيجة لرعونة بعض سائقى اللوادر رغم معرفتهم بخريطة تلك المواسير، وكذلك الحال مع الأمن العام، حيث بدأت تنتشر حالات السرقة وغيرها من الجرائم، ما يستدعى ضرورة وجود مدير أمن وقوة مباحث وضباط مرور كما هو فى كل المحافظات وغيرها الكثير من الأمور، التى تستدعى توسيع مهام رؤساء هذه المدن بما يُمكِّنهم من إتمام عملهم على الوجه الأكمل، مع توسيع سياسة اللامركزية لتوفير الوقت والجهد.. كى لا تتسرب العشوائية تدريجيًّا إلى هذه المدن كما يحدث الآن.
3) إلى وزير التربية والتعليم، د. رضا حجازى:
من المؤكد أن هناك إصرارًا قويًّا من الدولة على السير قدمًا فى عملية تحسين أحوال التعليم قبل الجامعى.. كما لا يمكن أن ننكر المجهود الكبير الذى بذله د. طارق شوقى، وزير التعليم السابق، مع زملائه فى هذا الاتجاه رغم الصعوبات الكبيرة التى نعلمها جميعًا، وقد آن الأوان لكى نبدأ حوارًا يضم خبراء التعليم وممثلى أولياء الأمور والمدرسين من أجل تحقيق الهدف الأسمى من هذا الإصلاح، وسوف أبدأ بحقيقة لا خلاف عليها جاءت على ألسنة أغلبية الناجحين، وهى أنهم جميعًا يدينون بالفضل فى نجاحهم إلى المدرسين الخصوصيين فى مراكز الدروس الخصوصية فى كل أنحاء مصر، والحقيقة الثانية الماثلة أمام الجميع، وهى شبه إغلاق الغالبية العظمى من فصول المدارس فى الصف الثالث الثانوى، وما يعنيه ذلك من عدم قيام المدرس بواجبه المفترض بالمدرسة.. فما معنى ذلك؟.
معناه أن الوزارة تعمل فى وادٍ لإصلاح المناهج وتحديث طريقة الامتحان، والمدارس والمدرسين فى وادٍ آخر.. أى أننا نحرث فى البحر.. فالتعليم كما هو معلوم يقوم على المدرسة والمدرس وطالب العلم، ونحن نعلم جميعًا أننا نعانى نقصًا كبيرًا فى الفصول، كما صرح بذلك سابقًا د. طارق شوقى بأننا فى حاجة إلى 28 ألف فصل جديد سنويًّا بما تكلفته 150 مليار جنيه، كما قال إنه تسلم الوزارة مع وجود عجز 250 ألف فصل، فى حين أن الميزانية المتاحة للأبنية التعليمية 12 مليار جنيه فقط!، كما أننا نعانى نقصًا كبيرًا فى أعداد المدرسين، والذى يحتاج ميزانية كبيرة لتحسين أوضاع المدرسين.. فما الحل؟:
1) زيادة عدد المدارس والفصول مسؤولية قومية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص، ولها الأولوية.
2) تعيين القدر الكافى من المعلمين بمرتبات لائقة، مهما كانت التكلفة، فمرتب المعلم والطبيب هو الأكبر فى كل دول العالم المتقدم، مع ضرورة الاستعانة بخريجى كليات التربية، مع تحديث مناهجهم.
3) حضور الطالب إلى المدرسة وممارسة الأنشطة إجبارى كى يُسمح له بدخول الامتحان.
4) الاستعانة بكل مدرسى الدروس الخصوصية، والاجتماع معهم والاتفاق على إعطاء دروس فى المدرسة عقب انتهاء اليوم الدراسى فى مجموعات تقوية لمَن يريد بمبالغ رمزية، وتتكفل الدولة للدفع لغير القادر، ويُشترط لذلك أن يقوم هذا المدرس بواجبه كاملًا بمدرسته، وينطبق الأمر على مَن يقوم بإعطاء الدروس من غير المدرسين المسجلين بالوزارة، مع إغلاق كل مراكز هذه الفصول إغلاقًا تامًّا، ويعاقب المخالف عقوبة رادعة.
5) تجاوز عدد طلاب الثانوية العامة هذا العام 600 ألف طالب وطالبة فى كل محافظات مصر، وهو أمر يستحيل تنفيذه بلا أخطاء قد تؤثر على مستقبل الطلاب، وأقترح دراسة إمكانية عقد 5 امتحانات فى وقت واحد، بعد تقسيم المحافظات إلى خمس مجموعات طبقًا للموقع الجغرافى، ويتم توزيع الامتحانات بطريق القرعة العلنية، ويتولى مديرو التعليم فى المحافظات الإشراف على الامتحان وتصحيحه وإعلانه فى كل مجموعة.
6) مطلوب على وجه السرعة مراجعة شاملة، ومن الآن، لكل المناهج من جانب متخصصين وتربويين فى كل سنوات الدراسة بحيث تحقق الهدف من التعليم والتربية وليس الحشو واللغو، كما لاحظت شخصيًّا فى مناهج اللغة العربية والدين للأطفال، والتى تُنفِّر التلميذ من لغته الأم، كما تشوه أفكاره عن الدين بعيدًا عن أهدافه السامية بكل أسف.